بيان حول إطلاق مليشيات الحوثي في اليمن المسلم، ظلماً وعدواناً، صاروخاً بالستياً، تجاه مكة المكرمة

الحمد لله سبحانه القائل: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)[96، آل عمران]، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد القائل: خذوا عني مناسككم، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين، وعلى من سار على دربه والتزم بشرعه إلى يوم الدين، وبعد

فإن أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، تلقت بشديد الأسى والأسف، وبأوفر معاني الإدانة والتنديد، نبأ إطلاق صاروخ بالستي تجاه مكة المكرمة، ممن يسمى بمليشيا الحوثي، وإن أمانة المجمع باسم علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إذ تستنكر هذه الفعلة الشنعاء، انطلاقاً من حرمة مكة المكرمة ومكانتها عند الله تعالى وعند جميع المسلمين المخلصين، لتؤكد على:

أولاً: إن مكة بلد الله تعالى الحرام، والكعبة هي بيت الله سبحانه فيها، والله تعالى جعل مكة والبيت الحرام أمناً وأماناً لكل المخلوقات من إنسان وحيوان وطير ونبات، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)[67، العنكبوت]، وقال سبحانه: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[57، القصص]، وقال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً)[125، البقرة]، وقال سبحانه: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)[96، آل عمران]، وقال جل من قائل: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)[37، إبراهيم].

وإن مجرد الإقدام على الإخلال بهذا الأمن والأمان الإلهي، يمثل انتهاكاً صارخاً لحرمة مكة المكرمة، وحرمة البيت الحرام وقدسيته فيها، وهو في جوهره يمثل محاربة لله تعالى قبل أن يكون محاربة للمسلمين.

ثانياً: إن المؤمن الحق يعظم بيت الله سبحانه ويعظم بلده الحرام، وإنه من الضلال المبين أن يفكر منتسب للإسلام في الإقدام على الإخلال بأمن هذا الحرم، وعجيب مستغرب أن يحاول النيل من هذه القدسية وتلك الحرمة من ينسبون أنفسهم إلى الإسلام.

ثالثاً: ليعلم المعتدون إن فعلتهم هذه دليل ضلالتهم وعنوان غوايتهم وانحرافهم، وغضب الله تعالى عليهم، وإنها تكشف عن خبيث نواياهم وقبح توجههم، وحقدهم على الإسلام والمسلمين، وليعلموا أن تلك الفعلة هي بداية انتقام الله منهم، وليكن لهم في أبرهة الحبشي عبرة. قال تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[25، الحج].

رابعاً: إن حرمة بيت الله سبحانه وحرمة بلده الحرام، ليست محلاً للمساومة، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، يتوجهون كل يوم في صلاتهم صوب مكة والبيت الحرام، وإن هذه الفعلة تمثل اعتداءاً على قبلتهم، وإنهم على استعداد للدفاع عن هذا المقدس بكل ما أوتوا من قوة، وإنهم قادرون بإذن الله تعالى على التنكيل بكل من يحاول الاعتداء على هذه المقدسات.

خامساً: إنه يجب على أهل العلم في الأمة الإسلامية بكل فئاتهم ودولهم، أن يعبروا عن غضبهم واستنكارهم لهذه الجريمة النكراء، وأن يدينوها وأن يبينوا رأيهم الشرعي فيها، فهذا هو وقت الابتلاء والاختبار والتمحيص والتمايز.

هذا وإن أمانة المجمع لايسعها إلا أن تدعو الله تعالى، أن يحفظ على بلاد الحرمين أمنها وإيمانها ورخاءها وعزها، ورعايتها وخدمتها للحرمين الشريفين وقاصديهما، وأن يجنب المسلمين كل الشرور، وأن يقيهم كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجمع كلمتهم وأن يوحد صفوفهم، ويدفعهم لخدمة وحدتهم وحماية مسيرتهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار