إن مشاركة مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الحديث عن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية واجب ديني ووطني لأنه يمثل أحدى المؤسسات الإسلامية الكبرى الفاعلة في بناء واقع الأمة ومستقبلها في الآفاق الفكرية، والعملية، المتعددة الميادين وهي في عطائها الكبير ذات دور بارز في مجالات التنمية الفكرية والعملية للواقع الإنساني.
وإننا بهذه المناسبة السعيدة، نستذكر جهود المملكة على يد قادتها الكبار بدءاً من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله جميعا والذين بنوا المملكة تحت راية “لا إله إلا الله، محمد رسول الله”، ويسعدني المشاركة في أفراح الشعب السعودي الكريم، بهذه الكلمة التي تبارك جهود المملكة في احتضان ورعاية مجمع الفقه الإسلامي الدولي طيلة مسيرته.
فلقد جاء تأسيس مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي تنفيذاً لقرار صادر عن مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي انعقد في مكة المكرمة عام 1401هـ الموافق 1981م حيث جاء في نص القرار ما يلي:
«إن مؤتمر القمة الإسلامي الثالث “دورة فلسطين القدس” المنعقد في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 19 إلى 22 ربيع الأول 1401هـ الموافق من 25 إلى 28 يناير 1981م.
إذ وبعد استعراض دقيق لموجبات انشائه تحت قرار إنشاء المجمع وتوجيهات صاحب الجلالة الملك خالد بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية (رحمه الله) إلى قادة الأمة الإسلامية وزعمائها وإلى المسلمين كافة في كل مكان والذي دعا فيه الأمة الإسلامية وفقهاءها وعلماءها إن يجندوا أنفسهم ويحشدوا طاقاتهم في سبيل مواجهة معطيات تطور الحياة المعاصرة ومشكلاتها بالاجتهاد والاسترشاد بالعقيدة السمحة وما تضمنته من مبادئ خالدة قادرة على تحقيق مصلحة الإنسان الروحية والمادية في كل مكان، والدعوة إلى إنشاء مجمع عالمي للفقه الإسلامي يضم فقهاء وعلماء ومفكري العالم الإسلامي بغية الوصول إلى الإجابة الإسلامية الأصلية لكل سؤال تطرحه الحياة المعاصرة.
وبذلك تم إنشاء مجمع يسمى (مجمع الفقه الإسلامي) يكون أعضاؤه من الفقهاء والعلماء والمفكرين في شتى مجالات المعرفة من فقهية وثقافية وعلمية واقتصادية من أنحاء العالم الإسلامي لدراسة مشكلات الحياة المعاصرة والاجتهاد فيها اجتهاداً أصيلاً فاعلاً بهدف تقديم الحلول النابعة من التراث الإسلامي والمنفتحة على تصور الفكر الإسلامي لتلك المشكلات. كثير منها جملة من الحقائق التي لا يمكن الانتقاص منها.
وجاء في المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي الذي انعقد بحمد الله تعالى في مكة المكرمة فيما بين 26 و28 شعبان 1403هـ (7–9 من شهر يونيو 1983م) تحت رعاية صاحب الجلالة الملك فهد بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، ورئيس مؤتمر القمة الإسلامي الثالث.
وبانعقاد المؤتمر التأسيسي أصبح مجمع الفقه الإسلامي حقيقة واقعة باعتباره إحدى الهيئات المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي تنفيذاً للقرار رقم 8/3–ث (ق–أ) الذي أصدره مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد في مكة المكرمة والطائف بالمملكة العربية السعودية، فيما بين 19 و22 من شهر ربيع الأول 1401هـ (25–28 من شهر يناير 1981م) وهو القرار الذي قضى بإنشاء المجمع:
- سعياً وراء تحقيق إرادة الأمة الإسلامية في الوحدة نظرياً وعملياً وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
- واعتباراً للدور الحضاري الذي اضطلعت به الشريعة الإسلامية والتراث الإسلامي والذي أثرى المعرفة الإنسانية، فقاد البشرية إلى النور والهداية، وما زال منبعاً غنياً وأساساً صالحاً لدفع حياة الإنسان نحو مستقبل أفضل.
- وتقديراً لما للعلم والفكر من دور في تقدم العالم والأمم ورقي الشعوب.
ومن هنا انطلقت المسيرة المباركة باحتضان المملكة العربية السعودية لمجمع الفقه الإسلامي الدولي إنشاء وتأسيساً ودعماً لمسيرته لأكثر من ثلاث عقود ليكون مؤسسة إسلامية كبرى يلتقي فيها علماء الأمة من جميع بلدانها لينظروا من خلاله في القضايا المستجدة، والأمور الحادثة التي تحتاج للنظر واجتهاد، وقد قام علماء الأمة بذلك خير قيام وسجلت مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي التي يبلغ أعدادها بعد اكتمال دورتها الثانية والعشرين 76 مجلداً على الدراسات والبحوث التي تصدى فيها المجمع لحوالي مائتي موضوع أو قضية بحكم شرعي أصيل قدم فيه أكثر ألف وثلاثمائة بحث.
كما دعمت المملكة العربية السعودية هذا المجمع في إطار منظمة التعاون الإسلامي، باستضافة أمانة المجمع وتأمين المقر الدائم لها بمدينة جدة والترحيب بكل ما يقوم به المجمع من نشاطات وبصورة من بيانات تتعلق بمختلف الأمور التي تصدت لها وبخاصة قضايا الشعوب الإسلامية وعلى الأخص القضية الفلسطينية ودعم توصيات مجلسه المتعددة في مجالات خدمة الإسلام والمسلمين، والوفاء لمبادئ المجمع وقواعده وأصوله في الممارسة التي تبنتها المملكة على جميع الأصعدة.
وقد كانت توجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين (رحمه الله) الفضل لإعادة هيكلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ووضع نظام أساسي جديد له، ذلك بموجب قرار أصدره مؤتمر القمة الاستثنائي الثالث الذي عقد بمكة المكرمة في الفترة 5–8 ديسمبر 2005م.
كما دعمت المملكة العربية السعودية هذا المجمع باستضافة العديد من دوراته، فقد بلغ عدد الدورات التي استضافتها المملكة، ثمان دورات آخرها ستكون بإذن الله الدورة الثالثة والعشرين وستعقد بالمدينة المنورة باستضافة كريمة من الجامعة الإسلامية بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله تعالى وأيده بوافر نصره وعظيم تمكينه، والتي سيدرس فيها تعديلات النظام الأساسي للمجمع لإثراء مسيرته وتطوير أدائه كما ستبحث في الأمور التالية:
- زواج الصغيرات بين حق الولي ومصلحة الفتاة، ومدى سلطة ولي الأمر في منعه أو تقييده، من المنظور الشرعي.
- المفطرات في مجال التداوي، (استكمال ما سبق).
- ختان الإناث من المنظور الإسلامي.
- الإجراءات الفكرية والعملية لمواجهة التطرف وما يسمى بالإرهاب في هذه الأيام، في شتى الميادين والمجالات.
- المزايا التي يمنحها المصرف لعملاء الحساب الجاري، وغيره من الحسابات الأخرى، من المنظور الشرعي.
- أثر عقد الزوجية على ملكية الزوجين.
- الوثيقة التاريخية للمدينة المنورة.
وبهذه المناسبة السعيدة فأن أمانة المجمع تتقدم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وإلى ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع –حفظهما الله– وإلى كافة أفراد الشعب السعودي الكريم، بأحرّ التهاني داعية الله سبحانه وتعالى أن يسدد خطى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين ويوفقهم في ما هو صلاح للبلاد والعباد أنه سميع مجيب الدعاء.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار