شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، في الجلسة العلمية الأولى لفعاليات المؤتمر الدولي الذي نظَّمته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع رئاسة الوزراء بجمهورية باكستان الإسلامية عن “تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة: التحدّيات والفرَص” خلال يوم السبت 11 من شهر رجب لعام 1466هـ الموافق 11 من شهر يناير 2025م، بالعاصمة إسلام آباد، وكان موضوع الجلسة تعليم المرأة في المواثيق الإسلامية والدولية.
وهذا، وقد استهل معاليه كلمته عن موقف الإسلام من تعليم المرأة قائلًا: “يجب أن نأخذ في عين الاعتبار قضية تعليم المرأة، لا أعلم عالمًا قديمًا أو حديثًا يقول بتحريمه، إن وجوب التعليم متَّفَق عليه، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم- بلُغة صريحة واضحة: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”، ومخالفة هذا الأمر مخالفة للأمر الإلهيّ الواضح الصريح”.
وأضاف: “إن المشكلة في موضوع تعليم البنات والفتيات تكْمُن اليوم في جملة من الذرائع وبعض العادات والتقاليد التي لا تريد أن تمْتثِل للأمر الإلهيّ الواضح الصريح، مع التأكيد بأن التعليم هو الذي يعالج الذرائع، ويكافح ويعِين على القضاء على هذه التقاليد والعادات الراكدة التي حاربها الإسلام، مما يعني أن التعليم الذي نقصده هو: العلاج الذي يمكِّن المرأة ويمكِّن أيَّ إنسان من اكتساب المبادئ، والقِيَم، والمهارات التي تُعينها لتحقيق ثلاثة أمور وهي: عبادة الله، وعمارة الكَون، وتحقيق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة”، مما يعني أن القيام بهذه الأمور الثلاثة يتوقف على التعليم بشقَّيه الديني والدنيوي.
كما شدَّد في كلمته على كون التعليم حقًّا، وأمرًا إلهيًّا مقدَّسًا، فقال: “إن الحديث عن حكم التعليم في الإسلام حديث مفرُوغ منه، لا يُقبَل من أحد أن يُجادلَ فيه؛ لأنه أمر إلهيٌّ مقدَّس، وهو حق على الأسرة، وحق على المجتمع، وحق على الدولة، وحقٌّ لها، أي: واجب من واجبات الأسرة، إذا لم تقمْ به الأسرةُ وجب على المجتمع، وإذا لم يقُمِ المجتمع به، وجب على الدولة، لا ينبغي للدولة أن تترك أحدًا يعبَث في هذا الواجب. كما أضاف “أن عدم التعليم هو المفسدة الكبرى العظمى التي يجب دَرؤها، والتي يجب دفْعها بالأمر بتعليمها”.
كما أشار معاليه إلى أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي أصدر قرارًا واضحًا، دعا فيه إلى رفض كل فتوى تدعو إلى منع المرأة تحت أيّ ذريعة من الذرائع، مهما كانت تلك الذريعة؛ لأنها فتوى شاذّة، والفتاوى الشاذّة يجب رفْضُها وردُّها ونبْذُها ومكافحتُها والوقوفُ ضدَّها؛ لأنها تخالف كتاب الله وسنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ولأنها تخالف إجماع الأمّة التي أجمعَت على هذا الأمر من لَدُنْه -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا.
وفي ختام كلمته، أوضح معاليه أن التعليم ليس مقتصرًا على عِلم بعَينه، بل هو: كل عِلم نافع فهو علمٌ شرعي. كما أكد على أنه لا فرق بين التعليم والصلاة والصوم والزكاة، فقال: “إن تعليم المرأة لا يختلف عن صلاة المرأة، ولا يختلف عن صيام المرأة، ولا يختلف عن حجابها، ستر وتعليم المرأة مُوَازٍ ومٌساوٍ لصلاتها ولصومها ولزكاتها، كما أُمرَت بأن تصلّي وأُمرَت بأن تصوم وأُمرَت بأن تحجّ، فهي كذلك مأمورة بأن تتعلم، والتعليم الذي نقصده: كل العلوم بكل المراحل، ولا يجوز لأحد أن يربط هذا التعليم بنوع معيَّن من العلوم، بل يشمل كل العلوم النافعة، إذْ إن كل علم نافع فهو علم شرعي، ويصدُق هذا على علوم الطب والهندسة والزراعة وغيرها؛ ذلك لأن الإسلام عندما قال الله عز وجل: {إنما يخشى اللهَ مِن عباده العلماء}، هنا لاستغراق الجنس عند علماء الأصول، والعلماء هناك علماء طب، وعلماء الفقه، وعلماء التوحيد، وعلماء الحديث لا يُستثنى منه عالم إذا كان علمه هو الذي سيمكِّنه من خشية الله -جلّ جلاله-“.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار