بيان أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي بخصوص قرار تخفيض أعداد الحجاج والمعتمرين أثناء إنشاء مرافق جديدة في المسجد الحرام وتوسعتها استعدادا لاستقبال أعداد أكبر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

إن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- سعيا منها لبذل أقصى ما تستطيعه لخدمة الحجاج والمعتمرين والطائفين والعاكفين والركع السجود تقوم حاليا بإعادة تعمير مباني المسجد الحرام وبتوسعتها وبتطويرها وبإضافة مرافق ومنشآت تسهل على قاصدي المسجد الحرام أداء مناسكهم بيسر وسهولة، وبسبب جريان أعمال الإنشاء والتشييد والبناء حاليا فقد تضيق مساحة المطاف وسعة الصحن عن استيعاب الأعداد المعتادة للطائفين، وبناء على مصلحة الحجاج والمعتمرين وحماية لهم من أي خطر يُحدق بهم فقد أصدرت حكومة خادم الحرمين الشريفين قرارا بتخفيض أعداد الحجاج القادمين من خارج المملكة العربية السعودية ومن داخلها؛ بغية تطوير تلك المرافق في الحرم المكي لتمكينها من استيعاب أعداد بشرية مضاعفة مستقبلا، إضافة إلى التيسير على الضعفاء والعجزة وكبار السن وسائر ذوي الاحتياجات الخاصة، وتخصيص مرافق تخصهم وإزالة العوائق التي كانت تعترض أداءهم للطواف والركوع والسجود ودخول الحرم المكي والخروج منه.

وأمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي إذ تؤيد هذا القرار الذي صاحبه التوفيق، وقام البرهان على رعايته لسلامة الحجاج والمعتمرين تدعو المسلمين في سائر أنحاء العالم إلى مؤازرة هذا القرار ومعاضدته. وترجو على وجه الخصوص من الهيئات المعنية بشؤون الحجيج ووسائل الإعلام وخطباء المساجد والدعاة إلى الله عز وجل في العالم قاطبة العمل على تنوير المسلمين وتذكيرهم بأهمية هذا القرار لسلامة ضيوف الرحمان في أبدانهم وأرواحهم وحفظ نفوسهم.

وحيث قد مدح المولى عز وجل في كتابه الكريم أولئك الذين يؤثرون على أنفسهم، فعلى من يقدر من المسلمين أن يؤثروا -عاما أو عامين- بأنفسهم استعدادا لتمكين قدوم أعداد مضاعفة من الحجاج فيما يستقبل من عقود زمنية تستمر لعشرات السنوات القادمة، والاستعداد لهذا الواجب الأخوي الإسلامي هو مسؤولية مشتركة بين المسلمين سائرهم. وهو ما يفرض على مَن يقدمون إلى الحج كل عام، أو سبق لهم الحج مرارا أن يفسحوا المجال لغيرهم ممن لم يتمكن من أداء فريضته حتى الآن، فإن مثل هذا الإيثار وما يضم إليه من تنظيمات وترتيبات ذاتية للهيئات وحملات الحج سوف لن تؤثر -بمشيئة الله تعالى- على من يقدمون لأداء فرضهم الذي لا يجب إلا مرة واحدة في العمر.

وحقيق أن تستبشر الأمة الإسلامية بالمشاريع التطويرية العملاقة الجاري تنفيذها في مرافق الحرم المكي الشريف -في الصحن والمطاف وسائر الأروقة- والتي سوف تزيل بإذن الله تعالى المخاطر التي كان يخشاها عدد من المتخصصين في علم إدارة الزحام والتدفقات البشرية بعد أن صارت الأمور تسير بسلاسة ويسر في المشاعر المقدسة أثناء الحج وتدفع إلى الحرم المكي أعدادا هائلة قد لا يمكن اجتماعها سوية لأداء الطواف والصلوات ويحدق الخطر بهم، فسائر هذه المنشآت التطويرية سوف تصب في مصلحة ضيوف بيت الله الحرام، وهو ما قد عهدته الأمة الإسلامية من الحكومة السعودية سالفا وحادثا. ولقد صدق المولى جل وعلا: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [الآية 18 سورة التوبة]. صدق الله العظيم.

 

أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي

الأستاذ الدكتور أحمد خالد بابكر

اقرأ ايضا

آخر الأخبار