أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي تدعو لتأسيس هيئة شرعية فلكية في مكة المكرمة لإثبات بدء الأشهر القمرية

عقدت في تونس الخضراء ندوة علمية مشتركة حول (توحيد التقويم الهجري) في 11/يونيو 2009م وذلم بمناسبة السنة الدولية للفلك بدعوة من وزارة الشؤون الدينية بالجمهورية التونسية والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي سعياً لوضع منهج موحد يكفل للمسلمين انتظام حياتهم الجماعية التعبدية وتعزيز وحدتهم.

وقد أكد معالي وزير لشؤون الدينية التونسي الأستاذ الدكتور بوبكر الأخزوري في الكلمة الافتتاحية أن الإسلام يجمع ولا يفرق ييسر ولا يغسر، وهو دين العلم والتطور والاجتهاد، ولا يمكن أن تكون ممارساتنا لشعائرنا وعبادتنا عائقاً أمام كمال ألفتنا وصلتنا الروحية الأخوية.

وبين معالي البرفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن المناسبات الدينية كانت رابطة وحدة بين المسلمين في العصر الأول وهي حقيقة بأن نكون اليوم كذلك إذ التقويم الهجري الموحد عامل فاعل في ترسيخ العادات الإسلامية الطيبة مذكراً أن منظمة المؤتمر الإسلامي لم تدخر جهداً في إيلاء هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام من خلال النداوت والقمم واقترحت ما ينبغي أن يعتمد في سبيل توحيد التقويم الهجري.

وقد أثرى السادة العلماء والخبراء والمختصون هذه الندوة بإسهاماتهم العلمية التي تناولت التحديات والحلول لتوحيد بدء الأشهر القمرية الهجرية.

وقد ألقى معالي الأستاذ الدكتور عبد السلام داود العبادي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة محاضرة ضافية ذكّر فيها بقرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية التي عقدت في جدة عام (1985) ودورته الثالثة التي عقدت في عمّان عام (1986) والتي تقرر فيها:

أولاً: إذا ثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة لاختلاف المطالع، لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.

ثانياً: يجب الاعتماد على الرؤية، ويستعان بالحساب الفلكي والمراصد، مراعاة للأحاديث النبوية، والحقائق العلمية.

وقد دعا الأستاذ الدكتور عبدالسلام العبادي إلى تأسيس هيئة شرعية في مكة المكرمة مكونة من علماء شرعيين وتضم عدداً مناسباً من الفلكيين تنسق مع جهات أتخاذ قرار إثبات الشهر في العالم الإسلامي ومع منظمة المؤتمر الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي الدولي في كل ما يتعلق بهذا الموضوع الحيوي.

وقد تناولت المداخلات الظروف العلمية لرصد الأهلة، وقدمت التجربة التونسية في التقويم الهجري ومنطومة الشاهد لتوثيق رؤية الهلال وإرساء ميقات بداية الأشهر القمرية
وقد توصلت الندوة إلى جملة من النتائج ومنها.

أولاً: إن استذكار القرارات الصادرة عن مؤتمرات القمة الإسلامية ومجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة حول التقويم الهجري الموحد لبداية الشهور القمرية وتوحيد الأعياد الإسلامية والتي نصت على أن إثبات دخول شهر رمضان وخروجه ودخول شهر ذي الحجة يتم عن طريق الرؤية الشرعية المنفكة عما يكذبها علْمًا أو عقلاً أو حسِاً عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوماً” وبقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تصوموا حتى تروه” يحض على الأخذ في الاعتبار الدعوات الملحة إلى ضمان أسباب وحدة الأمة الإسلامية خاصة في مثل هذه المناسبات التي هي من أهم مميزاتها في سبيل تجاوز مظاهر الفرقة والنزاع التي تمس من هيبة المسليمن.

ثانثاً: يجدر التذكير بالاجتماعات التي عقدتها لجنة التقويم الهجري الموحد ولا سيما اجتماعها الأول سنة 1978 والتوصيات الهامة التي صدرت عنها، وفي هذا الخصوص أكد المشارمون أهمية تفعيل عمل هذه اللجنة ويعتبر ذلك واجباً دينياً ومدنياً.

ثالثاً: مما ينبغي أن لا يختلف فيه ضرورة الاعتماد على الرؤية و الاستئناس بالحساب الفلكي واعتماد المراصد تطبيقاً للنصوص ومراعاة للحقائق العلمية واعتباراً لأن الرؤية البصرية طريقة للإثبات واستناداً إلى الحسابات الفلكية الثابتة التدقيق الصادرة عن المرافق والهيئات والجهات المتخصصة، وذلك التزاماً بنص قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المشار إليه والذي جاء مصداقاً لقوله تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يونس: ٥ فتكلم سبحانه عن العلم الذي قد يحصل بالرؤية وقد يحصل بالحساب لانتظام حركة الكواكب والنجوم وفق ما أراد الله سبحانه من انتظام محكم لهذا الكون.

وإن الاختلافات الجزئية في فهم النصوص الظنية الدلالة والاجتهادات الفقهية المتباينة في الاستنباط والترجيح والاختيار لا يمكن أن تكون حائلاً دون تحكيم التطورات العلمية والتكنولوجية، ولا يقبل أن تكون مكرسة للشقاق والغلو والتعصب فديننا يدعو إلى إعمال العقل والنظر والاجتهادي وهو يؤكد على الاحتكام إلى أهل الذكر في كل اختصاص، والفقه الإسلامي أكد عبر التاريخ أن العلماء المحققين اعتبروا الثوابت والمتغيرات وراعوا النص والواقع، وليس لنا بإزاء هذه القضية إلا أن نتوخى منهج التوفيق بين نصوصنا وبين الإنجازات العلمية والتقنية التي تعين على التعاطي مع مسألة رؤية الهلال في سبيل توحيد مواسمنا وأعيادنا الدينية.

رابعاً: ضرورة إعداد تقويم هجري موحد تلتزم به الأمة الإسلامية وذلك باعتبار ولادة الهلال قبل غروب الشمس وبشرط مغيبه بعد غُرْوبها حسب توقيت مكة المكرمة أو أي بلد إسلامي يشترك معها في جزء من الليل بزمن يمكن أن تتحقق معه الرؤية الشرعية بدخول الشهر وذلك عن طريق لجنة مختصة تقوم بإعداد هذا التقويم وتفعيل دور هذه اللجنة المكلفة بإعداد روزنامة إسلامية تكون مرجع المسلمين في ضبط التقويم الهجري وذلك تماماً كما جاء في قرار مؤتمر القمة الإسلامي التناسع والعاشر.

خامساً: كل المسلمين معنيون بهذه المقرارات حيثما وُجدوا درءاً للاختلافات المبررة بتباعد الأقطار وتغايُر المواقيت.

سادساً: دعوة منظمة المؤتمر الإسلامي إلى إبلاغ هذه التوصيات إلى البلدان والمراكز والهيئات الإسلامية ومتابعة تنفيذ ما يصدر من توصيات وقرارات بهذا الخصوص.

وأعرب المشاركون عن شكرهم الجزيل لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي على رعايته السامية لهذه الندوة العلمية مقدرين مابُذل من سخي الجهود لضمان أسباب نجاحها.

 

 

مجمع الفقه الإسلامي الدولي

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى