بدعوة كريمة من لدن منتدى شباب صنَّاع السَّلام لمجلس حكماء المسلمين، شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، عضو مجلس حكماء المسلمين، يوم الخميس 25 من شهر ذي الحجة لعام 1444هـ الموافق 13من شهر يوليو لعام 2023م في مدينة جنيف بسويسرا محاضرة عن دور الأديان في نشر السلام، وذلك ضمن فعاليات النسخة الثانية من منتدى صناع السلام. وقد استهل معاليه محاضرته بالتأكيد على “أنَّ الأديان جاءت لنشر السلام، والمحبة، والرحمة، والأخوة، والعدل، والمساواة بين البشر، كما أنها جاءت لوضع حدٍّ للحروب، والصِّراعات، والنزاعات، والظلم، والبغي، والعدوان، لأنَّ كلَّ ذلك يتنافى مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولذلك، فإنَّ أي دعوة إلى العنف، أو الكراهيَّة، أو الحقد لا تمت بأدنى صلة بالأديان، وبخاصَّة تلك الأديان التي لها كتبٌ سماويَّةٌ منزَّلة من عند الله، جلَّ جلاله، كاليهوديَّة، والمسيحيَّة، والإسلام. وأوضح معاليه أيضا أن الأديان جاءت أيضًا للحفاظ على حريَّة الاعتقاد، وحريَّة التعبير، وحريَّة الحركة، وغيرها من الحريات العامَّة المعروفة، مؤكدا على أنَُ الناس جميعا يولدون أحرارًا، وسواسيَّة كأسنان المشط، وأنهم يتفاضلون بينهم فقط بالعمل الصالح النافع، وبعمارة الكون، وإسعاد الإنسانية؛ وأوضح في هذه الأثناء، أنَّ ما يقدم عليه اليوم بعض المتطرفين من حرق نسخة من المصحف أو من أي كتاب أو مؤلف يعد ذلك اعتداء سافرا على مبدا حرية التعبير، ذلك لأنَّ المصحف الشريف يتضمن بين طياته مبادئ وقيما وتعاليم أودعها البارئ، وأمر نبيه، عليه الصلاة والسلام، بنشرها بين الناس، وترك الخيار لهم من الإيمان به، أو الإعراض عنه، ونهاه أن يحمل الناس على ما في ذلك الكتاب من قيم، ومبادئ وتعاليم؛ ولهذا، فإن إحراق نسخة من ذلك المصحف يعد مصادرة غاشمة لحرية التعبير التي تقدسها وتدعو إليها كل الأديان، والشأن كالشأن فيمن يقدم اليوم على إحراق نسخة من دستور أو قانون دولة ما، أو كتاب مؤلف ما، فكلاهما يمنعان بفعلهما الناس من الاطلاع على ما في ذلك الدستور أو الكتاب من قيم ومبادئ وتعاليم، ولا يخفى ما في ذلك من شطط، وغلو، وعدوان”. وختم معاليه محاضرته بدعوة الشباب إلى التعرف على الأديان، والاطلاع على ما فيها من قيم وتعاليم ومبادئ، وذلك قبل الحكم عليها حكما معياريًّا متعصبا، ومتطرفا، إذ إن من الملاحظ اليوم أن المتطرفين والإرهابيين يختطفون الأديان، ويرتكبون جرائمهم باسمها، والحال أن الأديان بريئة من كل دم يسفك باسمها، ومن كل عرض يهتك باسمها، ومن كل مال يباد باسمها..“ كما أوضح أهمية الإيمان بمبدأ قبول الاختلاف بوصفه تجليا من تجليات حريَّة الاعتقاد، وحرية التعبير، ذلك لأن “الاختلاف سنةإلهية، وإرادة كونية، ويجب علينا توظيفه في خدمة الإنسانيَّة، ونشر السلام، والمحبة، والأخوة، والرحمة، كما يجب عليه توظيفه في محاربة الكراهية والتعصب والتمييز، والإقصاء، لأنه من المتعذر حقيقة وواقعا بناء مجتمع سليم مستقر دون وجود تنوعٍ واختلافٍ بين أفراده..“
وختم محاضرته بالإشارة إلى أن منتدى شباب صناع السلام يعد أحد أهم مبادرات مجلس حكماء المسلمين، إيمانا من رئيس المجلس فضيلة الإمام الأكبر مولانا الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حفظه الله، الذي يؤكد في كل مناسبة بأنَّ الشباب هم قادةالمستقبل، وأنهم هم القادرون على تغيير العالم تغييرا إيجابيًّا، وذلك لما يمثلونه اليوم من نسبةٍ كبيرةٍ تتراوح ما بين 70-75% من سكان العالم، ولما يمتلكونه من قدرةٍ وإرادةٍ قويتين لصناعة السَّلام، ولذلك، فإنَّ الأمل فيكم بعد الله أن تصبحوا رسلا للسَّلام، وللأخوة الإنسانيَّة، والعدل، والمساواة لقيادة العالم نحو الأفضل.
هذا، وقد شَهِدَت مدينة جنيف بسويسرا، فعاليات النسخة الثانية من منتدى شباب صنَّاع السلام الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين، بالشراكة مع مجلس الكنائس العالمي ومؤسسة روز كاسيل خلال الفترة الواقعة ما بين 6-14 من شهر يوليو لعام 2023م بمشاركة ٥٠ شابًّا وشابة من مختلف أنحاء العالم.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار