تلقت أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي بكل الحزن والأسى الأنباء الفاجعة عن العملية الإرهابية التي تعرض لها المصلون أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة في بيت من بيوت الله وذلك في مسجدين من مساجد نيوزلندا يوم الجمعة 8 رجب 1440هـ الموافق 15 مارس آذار 2019م، والتي ذهب ضحيتها حتى الآن نحواً من (53) شهيداً وعشرات الجرحى من الركع السجد في يوم مقدس وأماكن مقدسة و أوقات مقدسة.
إن هذه العملية الإرهابية الجبانة لتكشف عن المخزون الهائل المتجذر من الاحقاد السوداء والكراهية المقيتة والعنصرية البغيضة لدى الإرهابي المنفذ للعملية ومن يقفون وراءه فكراً، وتحريضاً، وتخطيطاً، وتنفيذاً كما تعكس المدى الخطير الذي وصلت إليه ظاهرة الإسلامفوبيا لدى اليمين المتطرف والتي تطفو على السطح لتوفر البيئة الإجرامية للعمليات الإرهابية السوداء، والتي تحكي أيضاً استهتاراً كاملاً بإنسانية الإنسان وحقوقه في الحياة.
وتؤكد أمانة المجمع ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته كاملة في مواجهة ثقافات الكراهية والأحقاد والعنصرية، و العمل على تعزيز ثقافة التعايش والتسامح وتطهير الخطاب الثقافي الغربي من كل ذلك وتصحيح الصورة النمطية السلبية المفتراة عن الإسلام والمسلمين وإنجازاتهم الحضارية والمدنية والتشريعية والعلمية والإنسانية.
وتدعو أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي إلى استيقاظ العقول والضمائر الحرة على المستوى الإنساني للتصدي الحازم والممنهج لجذور الإرهاب ودعوات التعصب والكراهية.
تستحضر أمانة المجمع ما دعا إليه المجمع في قراره رقم 166(18/4) “بشأن ظاهرة التخويف من الإسلام: تحديات ومواجهات”، وذلك بدعوته الجميع للتصدي لهذه الظاهرة في إطار استراتيجية تخطط لها الدول والمنظمات الدولية الإسلامية تتضمن آليات وتدابير تبين الحقائق والمبادئ الإسلامية وتنشرها بمختلف وسائل الاعلام وعبر الشبكة الدولية للمعلومات.
ودعوته التجمعات الإسلامية الموجودة خارج الديار الإسلامية أن يكونوا رسلاً للسلام والأمن، وتجنب الممارسات والتصرفات المسيئة للإسلام، مع التمسك بقيم ومبادئ الإسلام السامية، و بناء العلاقة مع الآخر على أساس من الاحترام المتبادل وتبليغ رسالة الإسلام النقية واشاعة ثقافة التعاون ونبذ الكراهية والعنف بما يحقق خير الإنسانية، من أجل تفاهم متبادل، والتوعية لذلك في المناهج التعليمية.
وتنوه أمانة المجمع بالتوصيات التي تضمنها هذا القرار بشأن دعوة المجمع لإقامة مراكز للدراسات الإسلامية في بعض المناطق لإعداد دراسة عميقة عما ينشر عن الإسلام وما يثار من شبهات ووضع الخطة المناسبة للتعامل مع مختلف الدول الغربية والقوى المؤثرة منها بالتنسيق مع مرصد الإسلاموفوبيا في منظمة التعاون الإسلامي لتصحيح الصورة عن الإسلام الحقيقي، وعقد ندوات علمية وفكرية بين العلماء المسلمين وغير المسلمين من أجل لقاء المصارحة وبناء جسور التفاهم والتواصل.
وتهيب أمانة المجمع بحكومة نيوزلندا تقديم جميع المتورطين في هذه العملية الإرهابية للعدالة، وتتبع من يقفون ورائهم، وتأمين كل الاجراءات لمنع وقوع عمليات إرهابية أخرى.
وتتقدم أمانة المجمع بأحر التعازي لذوي الشهداء سائلة المولى أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يتقبلهم في الصديقين والشهداء والصالحين وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان وأن يكتب الشفاء العاجل للمصابين في هذه العملية الإرهابية.
ويؤكد المجمع أن الإسلام بتعاليمه السامية وسماحته المشهودة ووسطيته المتكاملة سيبقى الحصن الحصين للمسلمين من أن يتورطوا في أي ردة فعل غير مسئولة لأنهم حملة رسالة الإسلام الرئيسية وهي رسالة السلام والبناء والازدهار.
لقد عظم الإسلام دم الإنسان أيا كان وأكد القرآن العظيم ذلك في قول الله تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) صدق الله العظيم
اقرأ ايضا
آخر الأخبار