في زيارة عمل لماليزيا.. المركز العالميّ للفتاوى والحلال يستضيف معالي الدكتور قطب سانو في محاضرة عن الفقه

أثناء زيارة العمل التي يقوم بها إلى ماليزيا أجاب معالي البرفسور قطب مصطفى سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي دعوة المركز العالمي للفتاوى والحلال لإلقاء محاضرة عبر الفضاء الافتراضي بعنوان: “تعزيز الفقه من منظور الأستاذ الجامعي والوزير والأمين العام للمجمع”

صباح يوم الاثنين 28 من شهر رمضان لعام 1441 هـ الموافق 10 من شهر مايو لعام 2021م.

وقد استهل معاليه محاضرته القيمة بتسليط الضوء على محطة علمية مهمة في حياته الأكاديمية التي بدأها قبل ربع قرن من الزمن محاضرا، فأستاذا مساعدا، ثم أستاذا مشاركا، ثم بروفسورا، وأشار في هذه الأثناء إلى أن هذه المحطة تميزت بغلبة التفكر والتأمل والتدبر والابتكار على شخصه حيث صرف اهتمامه وتركيزه خلال هذه الفترة إلى كتابة البحوث، وتأليف الكتب وإعداد الدراسات والفعاليات والمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية الدولية في أنحاء العالم، منوِّها بأن رؤيته للعالم الخارجي كانت في هذه المرحلة رؤية مثالية تقوم على الاعتقاد بإمكانية تحقيق الإصلاح والتغيير المرجوين بصورة سهلة وسريعة وخلال فترة زمنية قياسية، وقد أمضى ستة عشر (16) عاما في هذه المرحلة التي وصفها بأنها الأكثر استقرارا نفسيا وذهنيا وأسريا. ثم كانت المحطة الثانية عندما عاد إلى بلده وزيرا لوزارة الشؤون الدينية، فوزيرا لوزارة التعاون الدولي، ثم وزيرا برئاسة الجمهورية للشؤون الدبلوماسية ومستشارا دبلوماسيا لرئيس الجمهورية. وأوضح معاليه أن هذه المحطة شكلت لديه هي الأخرى تحديا متمثلا في البحث عن السبل والوسائل المختلفة من أجل تنزيل العديد من الأحكام والتعاليم الشرعية على الواقع المعاش في بلده الذي ينص دستوره على كونه بلدا علمانيا يقف على مسافة واحدة من كل الأديان، ولا يسمح فيه بإلزام الناس بشيء من أحكام الشرع انطلاقا من مبدأ حرية الأديان والمعتقدات.. ومن هنا برز لدى معاليه أهمية الارتكاز والانطلاق من المقاصد الشرعية عند إرادة تنزيل الأحكام الشرعية على الواقعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية، وتأكد لديه الأهمية القصوى للانطلاق من عدد من مقاصد التنزيل وخاصة مراعاة التدرج، والموازنة بين المصالح والمفاسد، واعتبار مآلات الأفعال، وما لا يدرك كله لا يترك جله.. وقد أمضى معاليه اثني عشر (12) عاما بين الوزارات السالف ذكرها، وحاول جاهدا القيام بعدد من الإصلاحات في العديد من المجالات الحيوية كتوثيق علاقات التعاون والشراكة والصداقة بين دولته ودول العالم الإسلامي، كما ارتقى بأداء الوزارات، مبرزا كون الإتقان والإبداع والشفافية والإنتاجية والابتكار سمات أساسية للإدارة والإصلاح، كما سعى إلى تغيير الانطباعات المغلوطة عن علاقة الدين بالسياسة، وعن قدرة المثقفين بثقافة دينية على تولي المناصب الوزارية العليا، مؤكدا بهذا الصدد على كون التميز والإبداع والابتكار مرتكزات الإدارة الناجحة، وتتساوى التكوينات الأكاديمية في ذلك.

ثم تحدث معاليه عن المحطة الحالية التي بدأها منذ أشهر بصفته أمينا عاما لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يعتبر في حقيقته مؤسسة علمية فكرية وسياسية تجمع بين المحطتين السابقتين، وتتطلب الجمع بحنكة وتؤدة بين الفكر والإدارة، والسياسة، والتوفيق بين التنظير والتطبيق والممارسة من خلال المؤسسات السياسية والعلمية داخل العالم الإسلامي وخارجه، وذلك اعتبارا بكون المجمع مرجعية علمية تلجأ إليها الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، والمجتمعات المسلمة في جميع أنحاء العالم من أجل بيان الأحكام الشرعية في القضايا التي تهمهم. وأكد أنه ماض في الاستفادة من المحطتين الأوليين من أجل النهوض بهذه المؤسسة والارتقاء بها ضمن المؤسسات العلمية العالمية الرائدة القادرة على توجيه الفكر وتسديد الرأي وترشيد الممارسة في تناسق وتكامل بين الفقه والتطبيق والممارسة بإذن الله تعالى.

وختم معاليه محاضرته بالتأكيد على أهمية انخراط الفقيه في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من أجل إحداث التغيير والإصلاح المطلوبين بطريقة منظمة محكمة تقوم على المقاربة والتسديد والترشيد والتوفيق، ومراعاة الأولويات، وسنن التدرج والتدبر في الكون والإنسان والحياة، مما يتطلب تعرف الفقيه بصورة جيدة على المشكلات والنوازل التي تداهم حياة المجتمع، وتؤثر فيهم وفي تفكيرهم، كما يتطلب ذلك تعرف الفقيه على على أقدار التدين ودرجاته في النفوس من أجل تحديد الأحكام التي تناسب ظروفهم وأحوالهم عملا بقول الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز لابنه عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز عندما كان متحمسا على حمل الناس على الالتزام باالشريعة جملة واحدة، فقال له: هوِّن عليك يا بنيَّ إني أخاف أن أحمل الناس على الإسلام جملة واحدة، فيدعونه جملة واحدة؛ ألا يسرك يا بنيَّ ألا يمرَّ على أبيك يوم إلا وقد أحيا فيه سنة وأمات فيه بدعة ..!!
وفي نهاية المحاضرة أجاب معاليه على أسئلة واستفسارات الحضور، وكان من أبرزها الرد على المشككين في جدوى اللقاحات المتاحة ضد كوفيد19 اعتمادا على نظرية المؤامرة، حيث أوضح معاليه أن التشكيك في فعالية هذه اللقاحات لا يعدو أن يكون ذلك مغامرة لا ينبغي للفقيه التورط فيها خاصة أن أطباء الطب الوقائي وعلماء الأودية يتفقون على جدواها وقدرتها على الوقاية من فيروس كورونا، والتخفيف من تأثيره في حالة الإصابة به بعد التطعيم، مما يعني وجوب الاستعانة بها بعد الله جل جلاله على مكافحة هذه الجائحة.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار