ضمن سلسلة المحاضرات العلمية والفكرية التي ينظمها نادي شؤون الخريجين بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ألقى معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو الأمين العام لمجمع الفقه الاسلامي الدولي صباح يوم الجمعة 16 من شهر شوال الموافق 28 من شهر مايو لعام 2021م محاضرة بعنوان: دروس مستفادة من جائحة كورونا: خمس (5) فرص يجب اغتنامها قبل فواتها.
كالعادة، فقد استهل معاليه محاضرته بالتعبير عن شكره الجزيل للقائمين على شؤون نادي الخريجين على تواصلهم مع خريجي وخريجات الجامعة، مشيدا بحرصهم على النهوض النوعي بالنادي من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والبرامج والفعاليات العلمية والفكرية والاجتماعية، كما هنَّأهم على حسن التنظيم والترتيب والتنسيق مشيدا بدقة الموضوعات الفكرية التي يطرحها النادي للتباحث والتفاكر والتدارس.
ثم تطرق معاليه إلى عنوان المحاضرة الذي وصفه بأنه تلخيص أمين لمحتوى حديث نبوي شريف عظيم يحمل بين طياته تنبيهًا وتوجيهًا وتذكيرًا بتلك النعم العظيمة التي منَّ الله بها على كل واحد منا على درجات متفاوتة ومتكررو، غير أن كثيرا منَّا تفوتهم الاستفادة القصوى من هذه النعم التي نعلم جميعا بأنها زائلة لا محالة.
وأما الحديث النبوي الشريف، فهو قوله – صلى الله عليه وآله وسلم- لأبي ذر الغفاري: يا أبا ذرٍّ:
*اِغْتَنِمْ خَمْسًا قبل خَمْسٍ: شَبَابَك قبل هَرَمِك، صِحَّتَك قبل سَقَمِك، غِنَاك قبل فَقْرِك، فَرَاغَك قبل شُغْلِك، حَيَاتَك قبل مَوْتِك.*
إن هذا الحديث يعتبر عند أهل العلم من جوامع الكلم التي تختصر لها العبارات والكلمات في كلمة جامعة مانعة وماتعة، كما يعتبر دليلا واضحا على النبوة لإحكام مضامينها، وتماسك محتوياتها، بل إنه يعد من الحِكَم النبوية الخالدة التي حدَّد ولخَّص لنا أهمَّ الفرص والمِنَن والنِّعَم التي أنعم الله بها على كل واحد بدرجات متقاربة ومتفاوتة، وهذه النعم هي:
*نعمة الشباب، ونعمة الصحة، ونعمة الغنى، ونعمة الفراغ، ونعمة الحياة،* وتتسم هذه النعم بعدم الثبات والديمومة والاستقرار، وهي زائلة لا محال، مما يجعل الاستفادة القصوى منها أمرا لا مناص منه لكل عاقل ولبيب. على الاستفادة منها تتحقق باستغلالها في طاعة الله وطاعة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم- والقيام بمهمة الاستخلاف لله في الأرض، وعمارة الكون وفق منهج الله، والحرص على العمل الصالح الذي يشمل جميع مناحي الحياة الفكرية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية.
كما أوضح معاليه أن طروء جائحة كورونا زاد الإحساس بأهمية هذه النعم، ومكانتها، إذ إن الإغلاق الجزئي والكلي الذي طال كثيرا من الدول والمدن في العالم تذكير بهذه النعم كلها خاصة نعمتي الصحة والفراغ، كما أن البطالة والعطالة والخسائر الكبيرة التي منيت بها الأفراد والشركات والدول يعد كل ذلك تذكيرا بنعمة الغنى، فضلا عن الحجر الصحي المفروض على الأفراد والمجتمعات، واكتظاظ المستشفيات والمراكز الصحية بالمرضى والموتى، كل ذلك تذكير أيضا بنعمتي الصحة والحياة. وأما نعمة الشباب التي تدعو إلى التفاؤل والحركة والتخطيط وإقامة الأنشطة والبرامج وتنفيذ الخطط العظيمة والمشاريع الكبرى والآمال العريضة، فإنها هي الأخرى أصيبت في الصميم نتيجة القيود المفروضة على الحركة والتنقل والتواصل بسبب الجائحة.
ولهذا، فإن لكل واحد تذكر تلك النعم واغتنامها قبل زوالها فجأة أو تدريجيا، كما ينبغي انتهازها قبل فواتها المحتوم بالابتعاد عن التسويف والتأجيل والمماطلة والمراهنة على مستقبل لا نتحكم فيه، ولا نقوى على تغييره أو التأثير.
حري بشبابنا تسخير فتوتهم وقوتهم وطاقتهم في التسلح بسلاح العلم، والتزود بشتى صنوف العلوم والأفكار والمعارف، وحري بهم الاستفادة القصوى من هذه النعمة الزائلة قبل زوالها. وحري بنا جميعا تسخير كل هذه النعم بما يعود علينا وعلى أهلينا ومجتمعاتنا وشعوبنا ودولنا بالخير والصلاح والفلاح في الدارين، وذلك قبل رحيلها المؤكد، وزوالها المحتوم.
وعلى مدار ساعة كاملة من الزمن طاف معاليه من خلالها بالحضور حول المعاني العظيمة والدروس الكثيرة المستفادة من جائحة كورونا..
وختم محاضرته القيمة بالتضرع إلى الله بأن يعجل بزوال هذه الغمة عن الأمة، وبقبول من قضوا نحبهم بسببها في جنات النعيم، وبالشفاء العاجل للمرضى.
ثم أجاب معاليه على الأسئلة التي طرحها بعض المشاركين وخاصة فيما يتعلق بدعوة المسلمين والعالم أجمع إلى الاستغفار والتوبة والعودة إلى الله، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والإكثار من الصدقات والتبرعات، وإصلاح ذات البين، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها. كما دعا المسلمين إلى الالتزام بالإجراءات والاحترازات الصادرة عن السلطات الصحية في دولهم حفاظا على نفوسهم ونفوس من حولهم.
وجدير ذكره أن نادي شؤون الخريجين والخريجات بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا يقوم بدور التواصل والمتابعة لما يحققه الخريجون والخريجات من نجاح في حياتهم العملية بعد تخرجهم من الجامعة، ويعقد بين الفينة والأخرى مؤتمرا سنويا يكرِّم من خلاله البارزين من الخريجين الذين يحققون إنجازات ويؤثرون في مجتمعاتهم ودولهم.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار