جمعية نهضة العلماء الإندونيسية تستضيف معالي الدكتور قطب مصطفى سانو في محاضرة عن بناء الفقه السياقيّ والمعاصر

استقبل فضيلة الشيخ الدكتور سعيد عقيل سراج الرئيس العام التنفيذي لجمعية نهضة العلماء الإندونيسية معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي مساء يوم الأربعاء 28 من شهر شوال لعام 1442ه‍ الموافق 9 من شهر يونيو لعام 2021م بمقر الجمعية بجاكرتا. وعبر فضيلته عن شكره الجزيل وتقديره العظيم لمعاليه على زيارته الجمعية وعلى قبوله دعوة الجمعية لإلقاء محاضرة عامة عن بناء الفقه السياقي والمعاصر، منوِّهًا بالمكانة العلمية التي يحظى بها معاليه لدى كل من تعرف عليه من قرب، أو من قرأ بعض كتبه المهمة حول الاجتهاد والإفتاء والمالية الإسلامية، كما أكد فضيلته لمعاليه أن جمعية نهضة العلماء تتبنى منهج الوسطية والاعتدال في الاجتهاد والإفتاء، وترفض الجمعية جميع أشكال الغلو والتطرف والإرهاب مشيدا في هذه الأثناء بإنجازات الجمعية التي تعد أكبر جمعية إسلامية في العالم إذ يبلغ عدد أعضائها اثنين وتسعين (92) مليون عضو، وتمتلك ما يزيد على 20 ألف معهد، وعشرات الجامعات والمستشفيات ومراكز التأهيل والتدريب في جميع أنحاء جمهورية إندونيسيا التي يبلغ تعداد سكانها 300 مليون نسمة، يمثل المسلمون فيها 90% تقريبا. و اختتم فضيلته حديثه بالتعبير عن رغبة الجمعية في بناء علاقات التعاون والشراكة بين المجمع والجمعية خاصة فيما يتعلق بالارتقاء بالمستوى العلمي والفكري للجنة الفتوى والاستشارة داخل الجمعية. ثم دعا فضيلته معاليه إلى إلقاء محاضرة عامة عن بناء الفقه السياقي والمعاصر لمصلحة الأمة، وأكد لمعاليه بأن ما بين 15-20 مليون شخص سيتابعون المحاضرة عبر القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة للجمعية.

ومن جهته، أعرب معالي الأمين العام للمجمع عن شكره الجليل وتقديره العظيم لحسن الاستقبال، وحفاوة الترحيب به والوفد المرافق، مشيدا بالجهود العلمية العظيمة والإنجازات العملية المشهودة التي حققتها ولا تزال تحققها الجمعية منذ تأسيسها قبل 93 عاما. كما هنأ معاليه الرئيس العام التنفيذي وأعضاء المجلس التنفيذي على اهتمامهم الموفق بالتعليم والتربية والتزكية، الأمر الذي كان له الأثر الأكبر في المحافظة على الوجود الإسلامي في أرخبيل جزر ملايو التي يفوق عدد جزرها سبع آلاف جزيرة. وقدم معاليه نبذة مختصرة عن المجمع تاريخا ورؤية ورسالة وأهدافا، مرحبا في هذه الأثناء بالتعاون والتنسيق مع الجمعية خاصة فيما يتعلق بتعزيز منهج الوسطية والاعتدال في الاجتهاد والإفتاء في النوازل والمستجدات ومشكلات الحياة المعاصرة.

ثم تناول معاليه مفردات محاضرته التي تركزت على أهمية استفراغ الفقيه طاقته العلمية والفكرية من أجل الوصول إلى فهم سديد مرن ومواكب للعديد من النصوص الشرعية التي تعرف بالنصوص الظنية في الثبوت والدلالة معا، أو في الثبوت دون الدلالة، أو في الدلالة دون الثبوت؛ مشيرا إلى أن وجود الظن في ثبوت النص أو في دلالته على المعنى المراد منه يعد ذلك دليلا واضحا على مشروعية الاجتهاد في ذلك النص في ضوء ظروف الزمان والمكان، واستنادا إلى الواقع المعاش الدائم التغير والتطور والتبدل.

كما أوضح معاليه أنه من أهم خصائص الشريعة الإسلامية خاصية المرونة والسعة وخاصية الشمول وخاصية الثبات.. وأن هذه الخصائص بمجموعها هي التي تدل وتؤكد على خلود وصلاحية الشريعة لكل زمان ومكان.. وبتعبير آخر لولا مرونة نصوص الشريعة وسعة أحكامها ما كان لها لتقوى اليوم على بيان الأحكام الشرعية المناسبة للقضايا والنوازل ومشكلات الحياة المعاصرة.

ومن هنا، فإن الفقه الإسلامي الذي يعد فهما أصيلا لنصوص الشريعة فقه سياقي يقوم على مراعاة السياقات والقرائن والأمارات، وهو فقه واقعي لأنه يقوم على الفهم الدقيق للنصوص والتعرف الرصين الواقعات من أجل اختيار الحكم الذي يناسب كل واقعة في ضوء الزمان والمكان. ويتميز هذا الفقه بالابتعاد عن إسقاط الأحكام الجاهزة المتأثرة بالزمان والمكان على الواقعات التي تختلف زمانا ومكانا، كما يختص هذا الفقه بالابتعاد عن استيراد الفتاوى لاستهلاكها في واقعات وبيئات مختلفة ومغايرة.

وأشار معاليه في خضم ذلك إلى وجود أحكام ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان وتتسم تلك الأحكام بكونها موضوعة في نصوص قطعية في الدلالة والثبوت، وتعرف بالمحكمات والثوابت التي يتفق عليها المسلمون. ودعا معاليه إلى عدم التجني على هذه الأحكام بدعوى التجديد والاجتهاد لأنها لا تحتاج إلى اجتهاد في الفهم لوضوحها وجلائها وتشمل في الواقع أصول العقيدة، وأركان الإسلام وأركان الإيمان والإحسان، والفضائل، والحدود، والمقاصد العليا للشريعة.

وختم معاليه محاضرته بدعوة الجمعية إلى المضي قدما في إيلاء مزيد من الاهتمام والعناية والرعاية بالتعليم والتربية والتزكية بوصف هذا الثالوث صمام النجاة، وأساس الاستقرار، وضمان التقدم والتطور في كل زمان ومكان.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى