بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قرار 188 (20/3)
بشأن استكمال موضوع الصكوك الإسلامية
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العشرين بوهران (الجمهورية الجزائريــة الديمقراطية الشعبية) خلال الفترة من 26 شوال إلى 2 من ذي القعدة 1433هـ، الموافق 13-18 سبتمبر (أيلول) 2012م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى أمانة المجمع في موضوع الصكوك الإسلامية، واستماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
وبعد اطلاعه أيضًا على التوصيات الصادرة عن ندوة: الصكوك الإسلامية: عرض وتقويم، التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة في رحاب معهد أبحاث الاقتصاد الإسلامي (جامعة الملك عبد العزيز) بالتعاون معه ومع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب (عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية) خلال الفترة 10-11 جمادى الآخرة 1431هـ، الموافق 24-25 مايو2010م، مع الأخذ في الاعتبار ما أصدره المجمع في القرار 178(19/4) بشأن الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها في دورته التاسعة عشرة، وغيره من القرارات، واستماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يأتي:
أولًا: ضوابط عامة:
(1) يجب أن تحقق الصكوك الإسلامية مقاصد التشريع من حيث: تعزيز التنمية ودعم النشاطات الحقيقية وإقامة العدالة بين الطرفين.
(2) يجب أن تحقق العقود الخاصة بالصكوك مقتضاها من حيث ثبوت الملكية شرعًا وقانونًا، وما يترتب عليها من القدرة على التصرف وتحمل الضمان. كما يجب خلو العقود من الحيل والصورية، والتأكد من سلامة ما تؤول إليه من الناحية الشرعية.
(3) يجب أن تتضمن وثائق الصكوك الآليات اللازمة لضبط التطبيق والتأكد من خلوه من الحيل والصورية ومعالجة الخلل المحتمل. كما يجب القيام بالمراجعة الدورية للتأكد من سلامة استخدام حصيلة الصكوك في الغرض المحدد لإصدارها، ومن تطبيق جميع مقتضيات العقود على الوجه المقصود شرعًا.
(4) يجب أن تستوفي الصكوك الإسلامية الفروق الجوهرية بينها وبين السندات الربوية من حيث الهيكلة والتصميم والتركيب، وأن ينعكس ذلك على آليات تسويق الصكوك وتسعيرها.
ثانيًا: التعهدات:
(1) لا يجوز للمضارب أو الشريك أو الوكيل أن يتعهد بأي مما يأتي:
(أ) شراء الصكوك أو أصول الصكوك بقيمتها الاسمية أو بقيمة محددة سلفًا بما يؤدي إلى ضمان رأس المال أو إلى نقد حال بنقد مؤجل أكثر منه. ويستثنى من ذلك حالات التعدي والتفريط التي تستوجب ضمان حقوق حملة الصكوك.
(ب) إقراض حملة الصكوك عند نقص العائد الفعلي على الصكوك عن المتوقع بما يؤدي إلى سلف وبيع أو قرض بفائدة. ويجوز تكوين احتياطي من الأرباح لجبر النقص المحتمل.
(2) يجوز التحوط من مخاطر رأس المال في الصكوك وغيرها، من خلال التأمين التعاوني أو التكافلي المنضبط بقواعد الشريعة المطهرة.
ثالثًا: إجارة الأصل على بائعه:
لا يجوز بيع أصل بثمن نقدي بشرط أن يستأجر البائع هذا الأصل إجارة مقرونة بوعد بالتمليك بما مجموعه من أجرة وثمن يتجاوز الثمن النقدي، سواء كان هذا الشرط صريحًا أو ضمنيًا، لأن هذا من العينة المحرمة شرعًا، ولذا لا يجوز إصدار صكوك مبنية على هذه الصيغة.
رابعًا: إجارة الموصوف في الذمة:
(1) يجوز إجارة الأعيان الموصوفة في الذمة بما لا يخالف قواعد المعاملات الشرعية، ويجوز إصدار صكوك مبنية على ذلك.
(2) يتركز إشكال هذه الصيغة في أمرين:
(أ) حكم تأجيل الأجرة عن مجلس العقد.
(ب) حكم تداول صكوك إجارة الموصوف في الذمة قبل تعين محل الإجارة.
ويوصي المجمع أن تقوم أمانة المجمع بتشكيل فريق من العلماء والخبراء لدراسة هذه الصيغة في ضوء ما سبق وتقديم دراسة مفصلة قبل انعقاد المجمع في دورته القادمة.
خامسًا: تداول الأوراق المالية، من صكوك أو أسهم أو وحدات:
(1) إذا تمحضت موجودات الورقة المالية للنقود أو الديون، فيخضع تداولها لأحكام الصرف أو بيع الدين.
(2) إذا تمحضت موجودات الورقة المالية للأعيان أو المنافع أو الحقوق، فيجوز التداول بالسعر المتفق عليه.
(3) إذا كانت موجودات الورقة المالية خليطًا من النقود والديون والأعيان والمنافع والحقوق، فلها حالان:
(أ) أن تكون النقود والديون تابعةً لما يصح أن يكون متبوعًا، وتكون الورقة المالية متضمنة لملكية المتبوع، فيجوز حينئذ تداول الورقة المالية دون مراعاة نسبة النقود والديون إلى الموجودات.
(ب) انتفاء تبعية النقود والديون أو عدمُ تضمن الورقة المالية لملكية المتبوع، فيخضع التداول حينئذ لأحكام الغلبة.
(4) إذا كانت الشركة أو المشروع الذي تمثله الورقة المالية لم يبدأ العمل الفعلي أو كان تحت التصفية، فيخضع التداول لأحكام الغلبة.
(5) ظهر من خلال البحوث المقدمة أن التبعية قد تثبت من خلال ملكية المشغّل، أو العمل، أو النشاط. كما ظهر اتساع معيار الغلبة. ونظرًا للحاجة لتحديد معايير التبعية وتحرير حالاتها، وتحديد معايير الغلبة وتحرير حالاتها، يوصي المجمع أن تقوم أمانته بتشكيل فريق من العلماء والخبراء لدراسة هذه المعايير في ضوء ما سبق وتقديم دراسة مفصلة قبل انعقاد المجمع في دورة قادمة.
سادسًا: أثر القرارات على العقود السابقة:
(1) القرارات التي تصدر عن المجمع تسري من حين صدورها، ولا تؤثر على ما سبقها من العقود ومن جملتها الصكوك التي صدرت باجتهاد أو فتوى معتبرة شرعًا.
(2) الواجب على المسلمين إتباع الشريعة المطهرة في جميع شؤونهم وأعمالهم بحسب الوُسع والطاقة لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16]، وقوله جل شأنه: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) [البقرة:286]، وما عدا ذلك فإن الله تعالى يعفو عما عجز عنه المكلفون. ويجب على المسلمين السعي المستمر لرفع العجز والتخلص من أحكام الضرورة لتكتمل حكمة الشريعة وتستقيم حياة المجتمع المسلم على ما شرع الله تعالى.
والله أعلم؛؛
اقرأ ايضا
آخر الأخبار