بسم الله الرحمن الرحيم
بيان مجلس مَجمَع الفقه الإسلامي الدولي
بشأن إنتاج فلم يسيء إلى مقام النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم
في الولايات المتحدة الأمريكية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
إن مجلس مَجمَع الفقه الإسلامي الدولي وهو يعقد مؤتمر الدورة العشرين بمدينة وهران الباهية، بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، في الفترة من 26 شوال إلى غرة ذي القعدة 1433هـ، الموافق من 13 إلى 18 سبتمبر 2012م، ينظر بقلق بالغ إلى ما توجه إليه سعي بعض الحاقدين على الإسلام من إنتاج فلم أراد منه النيل من مقام النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن هذا العمل الذي يتنافى مع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية يستفز الأمة الإسلامية جمعاء في أخص مقدساتها، وهو النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، المبعوث رحمة الله للعالمين، كما يستفز غيرهم من ذوي الضمائر الحية، ولا يخدم السلام ولا التعايش، ويفضي إلى حدوث تطرف مقابل، ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
وإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي إذ يستنكر هذا الفعل الشائن والتصرف المنكر وغيره مما يصدر عن ذوي الاتجاهات السيئة يوضح ما يلي:
أولًا: إن الحرية ليست قيمة مطلقة، وإنما ترتبط بالمسؤولية، وشرطها ألا تمس الآخرين في حقوقهم المعنوية والمادية فكيف إذا تجاسرت على مقام المقدسات للأديان وأتباعها؟!، لقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ذلك في أكثر من مناسبة. ففي الدورة التاسعة والخمسين في الجلسة العامة المنعقدة 11/11/2004 صدر قرار بتشجيع الحوار بين الأديان، وهو يدعو إلى مناهضة تشويه صورة الأديان. ويؤكد أن التناصح المتبادل والحوار بين الأديان يشكلان بُعدين مهمين للحوار فيما بين الحضارات وثقافة السلام.
وفي لجنة حقوق الإنسان (الدورة الحادية والستون) تمت الإشارة إلى ما يلحق الأقليات والطوائف المسلمة في بعض البلدان غير الإسلامية، وإلى التصوير السلبي للإسلام في وسائل الإعلام، وإلى اعتماد وإنفاذ قوانين تمييز ضد المسلمين واستهدافهم. وقررت اللجنة اعتماد القرارات المتعلقة بمناهضة تشويه صورة الأديان. كما دعت اللجنة الدول إلى اتخاذ إجراءات حازمة لحظر القيام بنشر الأفكار والمواد القائمة على العنصرية وكراهية الأجانب والموجهة ضد أي دين من الأديان أو أتباعه والتي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف.
ومن أهم ما تناوله هذا القرار التأكيد على أن تشويه صورة الأديان سبب من أسباب التنافر الاجتماعي، ويفضي إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان. ويؤثر سلبا على التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات.
ثانيًا: يرفض مجلس المجمع الانتقائية في التعامل مع قضايا الإسلام والمسلمين ويطالب قادة تلك الدول التي صدرت فيها هذه الأعمال الشانئة بمنع صدورها ونشرها وعدم الاكتفاء بالإدانة التي لا يترتب عليها عمل حقيقي يوقفها عند حدها، ويحاسب مرتكبيها.
ثالثًا: يدعو مجلس المجمع قادة الدول الإسلامية إلى اتخاذ مواقف حازمة تجاه هذه التصرفات وتحذير قادة هذه الدول من مغبة آثارها على مصالح تلك الدول ومستقبل العلاقات بين الشعوب والحضارات.
رابعًا: يهيب مجلس المجمع بمنظمات المجتمع المدني الغربية وشرفاء العالم وأصحاب الضمير الحر أن يستنكروا هذا السلوك الشاذ والاحتشاد خلف القيم الحضارية التي تصون عقائد أهل الأديان واحترام رموزهم، ويدعو المجلس الأمم المتحدة إلى استصدار قرارات ملزمة تجرّم أي عمل يثير الكراهية ضد الإسلام ورموزه ومقدساته.
خامسًا: يدعو مجلس المجمع المسلمين في مختلف هيئاتهم إلى تفنيد هذه المواقف المشبوهة وأن يكون تعبيرهم عن نصرة نبيهم صلى الله عليه وسلم نهجا سلميا منضبطا بقواعد الشرع دون تعدّ على الأنفس والممتلكات والبعثات الدبلوماسية صونا للعهود والمواثيق والتزاما بتعاليم الإسلام وقيمه.
سادسًا: يحث مجلس المجمع المسلمين على التزام التأسي بنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم وتجسيد قدوته على أرض الواقع، والعمل على نشر رسالته التي جاءت رحمة للعالمين بأبعادها الإنسانية المختلفة للتعريف بها وتصحيح الصورة الخاطئة التي يحاول تبنّيها أعداءُ الإسلام وخصومه، والمسلمون لا يتطرق إلى قلوبهم شك بأن دين الله محفوظ، وأن الإسلام هو الظاهر، وأنه عز وجل مُعلٍ كلمته وناصرٌ نبيه صلى الله عليه وسلم، ومظهر دعوته على العالمين، وداحرٌ شانئيه، قال عز شأنه: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر:95]، وقال سبحانه: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر:3].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار