الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
إن الأمانة العامة لمَجمَع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، تعبر باسم علماء الأمة الإسلامية وشعوبها عن عميق حزنها وشديد جزعها بفاجعة الزلزال المدمر التي ألمت ببعض دول آسيا: باكستان وأفغانستان والهند، واجتاحت مناطق تتسم بضنك العيش وقشفه،وتنذر بأمراض وأوبئة.
وتناشد الأمانة العامة المسلمين كافة في سائر بقاع الأرض حكومات وأفرادا المعاجلة في التنفيس عن كربة إخوانهم المتضررين من هذا الزلزال بتقديم المساعدات العينية والإنسانية، وتحفّزهم المكاثرة في التبرع للحملات التي تدشنها الهيئات المعنية في كل بلد ومدينة، وترغبهم في أن يُروا الله في هذا الشهر المبارك من أنفسهم خيرا، لعل المولى عز وجل أن يغفر زلاتهم ويتجاوز عن سيئاتهم، وتذكرهم بأن الحسنات تضاعف في هذا الشهر الفضيل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في هذا الشهر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) متفق على صحته.
وإن الله قد أمرنا بالإنفاق من المال الذي استخلفنا فيه، ووعدنا بالخلف، فقال تعالى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ). وقال سبحانه: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). وقال عز وجل: (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). فعلينا إجابة نداء الله ربنا، وبذل المال في سبيله، وشكر نعم الله بأداء حقها، ومن حقها إنقاذ الأنفس المؤمنة.
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وقد صح عن رسول الله قوله: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، وشبك بين أصابعه، وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وقال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون أعظم من الجبل).
وإنها لمبادرة كريمة ومباركة -إن شاء الله- تلك التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، إذ أهمه ما لقيه إخوانه المسلمون وغيرهم في آسيا من بلايا فأمر -حفظه الله- بتشكيل لجان في سائر أنحاء المملكة لإغاثة هذه الزلازل، فجزاه الله خيرا وضاعف مثوبته ونصر به الحق، ونرجو لهذه اللجان التوفيق بإذن الله، وإن أهدافها جليلة حيث تعمل على إنقاذ الأنفس من الهلاك ، والمساعدة لاجتياز المحنة، بما تجود به نفوس طالبي الأجر والمثوبة من الله.
وتسأل الأمانة العامة المولى عز وجل أن يتغمد المتوفين بواسع الرحمة، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يلبس المصابين ثياب العافية والشفاء، وأن يسفر هذه الغمة، ويجلي هذه الهبوة. وأن يجزل المثوبة، ويخلف على المنفقين في سبيل الخير بأحسن الخلف، وأن يديم على المسلمين سوابغ نعمه، وقرائن آلائه.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة
الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي
اقرأ ايضا
آخر الأخبار