بيان من مجمع الفقه الإسلامي الدولي حول المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحابته الذين انطلقت بهم دعوة الإسلام الخالدة من أرض الحرمين الشريفين وهم يحملون رايات الدعوة، سيراً على الأقدام أو على ظهور رواحلهم حتى بلغوا بها ما بين المشرق والمغرب، فأناروا بها للإنسانية طرق المضي على نهج الحق، فأنقذوا البشرية من ظلام الشرك، وسلكوا بها سبل الرشاد لتمضي إلى الله وهي على بصيرة من أمرها.

ولعل خير برهان على ما نتج من جهودهم المباركة هو أن قارات الدنيا الست الآن تنطلق من قمم مآذنها كلمات التوحيد داعية العباد إلى عبادة رب العباد.

الأمر الذي جعل أمة الإسلام الآن قد اتسعت رحابها وتضاعفت أعدادها إلى أن وصلت إلى المليارين أو تزيد.

وأمم الإسلام –تلك– تجتمع الآن في أكبر منظمة دولية هي (منظمة التعاون الإسلامي) في أرض الحرمين الشريفين، وهي الثانية في حجمها بعد ما يسمى بـ(الأمم المتحدة). وعن هذه المنظمة المباركة العتيدة ينبثق (مجمع الفقه الإسلامي الدولي)، وهو المرجعية الشرعية لأمم الإسلام في جميع الهموم ذات الصلة بقضايا الشريعة الإسلامية، وتتجمَّع في ظلاله الآن سبع وخمسون دولة كلها تشارك في حمل هموم الأمة أو هكذا ينبغي أن تكون.

ومن هنا فإن مجمع الفقه الإسلامي الدولي يَصْرُخُ في آذان الجميع مذكراً إياهم بمعاني القوالب التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أعين الجميع؛ ليضعوا أنفسهم فيها، وليتأكدوا من حالهم وليعلموا أين هم من تلك الصور التي ينبغي أن تتحقق فيهم وأن يصوغوا أنفسهم ليتحققوا بها، فهو يقول صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحُمى والسهر”. أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له عن النعمان بن بشير رضي الله عنه ، ويقول صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه” رواه البخاري ومسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة” أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

وهنا نسأل أنفسنا جميعاً، أين نحن من هذه المعاني وهذه الصور؟، أين نحن منها وإخواننا في غزه يُبادون ليل نهار على أيدي الكيان الصهيوني الغاصب، عدو الله والإسلام والإيمان والمؤمنين؟ فالله يقول عنهم: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ)(المائدة: آية 82)، وهذه الإبادة التي يمارسونها منذ عقود من الزمن لا تستثني شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة، والعالم يتفرج ولا ينفعل.

أين نحن من تلك المعاني وثالث الحرمين الشريفين يدنس صباح مساء على أيدي أعداء الله اليهود المحتلين لأرض فلسطين؟، أين نحن معشر أهل الإسلام وعددنا يفوق أعداد اليهود آلاف المرات، بل لو أن كل مسلم قام بما هو واجب عليه لتغير الحال عما هو عليه الآن؟، أين نحن وقد حبانا الله بخيرات حوتها أراضي الإسلام، لو أننا حبسناها من نصراء اليهود لكان الأمر على غير ما هو عليه الآن؟، ولو أننا وظفنا عائدات تلك الخيرات والنعم في بناء ذاتنا لكان واقعنا غير ما نحن عليه الآن.

ومن هنا.. فإن مجمع الفقه الإسلامي الدولي ينادي أهل الإسلام في بقاع الدنيا كلها؛ أن أنهضوا واسعوا لصياغة الأنفس في القوالب التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم، وَجَنّدُوا أنفسكم للدفاع عن دينكم وقيمكم وإخوانكم وحَرَمكم المقدس المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين.

ومجمع الفقه الإسلامي الدولي يقول ويهتف بألسنة كل من فيه: جزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود خير الجزاء، ونفع به أمة الإسلام، وأعانه على توحيد كلمتها، وَبَعْث الحياة في أجساد منظماتها وأفرادها بل وقياداتها، فلقد كان للنداءات التي وجهها للأمة بجميع مكوناتها الأثر الإيجابي الذي جعل الجميع يتحسسون حالهم.

ولعل أول المقدمات التي تبشر ببداية الإحساس بما ينبغي أن يكون، هو اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي الموسع على مستوى وزراء الخارجية بشأن الوضع الخطير في دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشريف الذي انعقد بجدة في السادس عشر من شهر شوال 1435هـ الموافق12 أغسطس 2014م، فعسى أن يكون ذلك بداية الانطلاقة.. ولكن على جميع منظمات المسلمين وجماعاتهم وكياناتهم المتنوعة أن ينهضوا للقيام بواجب الدفاع عن أرض فلسطين وأهلهم في غزه والحرم القدسي الشريف، ولمساندة الشعب الفلسطيني الأبي بكل الإمكانات المتاحة، ومقاومة المتغطرسين الذين استباحوا الدماء وقتلوا الأبرياء من الأطفال والنساء وهدموا المنازل بأسلحة فتاكة، وأن يعملوا على تحرير الأراضي المحتلة، ورفع العدوان عن المسلمين بكل الصور الممكنة.

وعلى المسلمين أن يوحدوا صفوفهم ويتعاونوا من أجل مواجهة التحديات باتخاذ إجراءات عملية على كل الأصعدة لإيقاف عمليات الإبادة التي تقع على سكان قطاع غزه العزل وتقديم المساعدات العاجلة لهم.

والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

 

أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي

الأستاذ الدكتور أحمد خالد بابكر

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى