شارك معالي الأستاذ الدكتور أحمد خالد بابكر أمين المجمع في المؤتمر الرابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في آستانا جمهورية كازاخستان الذي عقد في 28-29 أيار مايو2012م وقد أنابه معالي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي في حضور المؤتمر والقى معالي أمين المجمع كلمة أكد فيها أن منظمة التعاون الإسلامي تمد يدها للتعاون مع جميع المنظمات خدمة للإنسانية وتحقيقا لتعاليم الإسلام، وأوضح أن المرتكزات التي يحتضنها المؤتمر وهي التنمية المستدامة وقضايا المرأة والشباب، هي جزء من مجموعة الهموم التي تعمل منظمة التعاون الإسلامي لعلاج قضاياها من خلال أجهزتها المتعددة.
وقد تناول المؤتمر مواضيع عدة من أهمها دور القيادات الدينية في تحقيق التنمية المستدامة والمرأة، والدين والتعددية الثقافية، والدين والشباب.
وقد صدر عن المؤتمر الرابع إعلان أكد فيه أن الدين هو من أهم الوسائل المؤثرة في حل المشكلات الاجتماعية وتحقيق السلام العالمي، ودعا إلى تعزيز الأسس الأخلاقية والروحية للمجتمع وإحياء القيم العائلية لتحقيق التنمية المستدامة باعتبار ذلك مفتاح معرفة الهدف بالوجود الإنساني.
وعبر المؤتمر عن قلقه من ارتفاع معدلات الجريمة ومظاهر التعصب والتطرف وأدان التهديد باستخدام القوة أو استعمالها وحض الإعلان على تحسين آلية التفاعل بين الطوائف الدينية والقيادات السياسية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني.
وفيما يلي نص كلمة معالي أمين المجمع في المؤتمر:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد
أيها السيدات والسادة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحييكم جميعاً بكل مقاماتكم، وأنقل لكم تحية إخوانكم في منظمة التعاون الإسلامي بقيادة أخيكم البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى، أمين عام المنظمة. وهي واحدة من المنظمات الدولية ذات الهم برعاية البناء الاجتماعي بجميع مكوناته.
ولا شك أن دلالات مسماها تقود إلى الغاية التي تسعى إليها، وهي تحقيق التعاون والتكامل بين أبناء البشرية جميعاً، من أجل أن يكونوا جسداً واحداً “إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، ولذلك فهي تسعى على طريق تحقيق تعاليم الإسلام الذي يدعو إلى التحلي بهذه القيم.
ولعل أبناء الإنسان في كرة الأرض كلها لو تحلوا بهذه الصفات لكان حال عالمهم على غير ما هو عليه الآن، إذ لو تحققت تلك الغايات لكانت الجهود كلها والإمكانات جميعها موظفة في مجال بناء حياة سعيدة متكاملة للبشرية جمعاء، ولَسَعد الجميع بخيرات الكون بدلاً عن أن توظف في الصراعات ووسائل الإبادة والخراب الذي لا يَجني منه إلا الفساد والإفساد.
أيها السادة والسيدات:
إن منظمة التعاون الإسلامي التي أخاطبكم باسمها؛ هذه هي همومها، وتلك هي مكونات رسالتها التي تسعى لتحقيقها منذ أن أُنشئت في أرض الحرمين الشريفين قبل أكثر من ربع قرن من الزمان، وهي تضم الآن سبعاً وخمسين دولة تنتشر على مساحة كرة الأرض كلها، وتتحرك من خلال مجموعة من الأذرع الفاعلة لأداء مهامها، ومن بينها “مجمع الفقه الإسلامي الدولي”.
ومهمة هذا الذراع هي بيان المنهج الشرعي المنبثق عن قواعد الشريعة الإسلامية، المُحقق لتنفيذ تعاليمها المستقاة من مصادرها الأساسية: الكتاب الكريم والسُنة المُطهرة، من أجل أن تَسعَد البشرية وتَسلَم مسيرتها على نهج الحق وهي تسير على الطريق القاصد إلى الله تعالى، المُحقق لسعادة الإنسان في دنياه، والمُخلّص له في أُخراه.
والمجمع واحدٌ من مجموعة قوامها وحدات متعددة، لكل وحدة منها مهام تقوم بها في خدمة الغايات التي تنهض بها منظمة التعاون الإسلامي، وهي منتشرة على مستوى الكثير من الدول ذات العضوية فيها، وأثرها ملموس بحمد الله تعالى في جميع الساحات.
وهي تمد يدها للتعاون مع جميع المنظمات خدمة للإنسانية، وتحقيقاً لتعاليم الإسلام، ونشراً للتسامح والوسطية التي يتبناها دين الإسلام الذي يقول لأهله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)البقرة:143.
هذا… ولعله من تكامل الأهداف والتقاء الهموم أن تكون هذه المرتكزات الأربعة التي يحتضنها مؤتمركم الآن هي جزء من مجموعة الهموم التي تعمل منظمة التعاون الإسلامي لعلاج قضاياها من خلال أجهزتها المتعددة ذات التخصصات المتنوعة.
فقضية التنمية المستدامة هي إحدى الهموم المتعمقة في وجدان المنظمة، والبرامج المنهجية التي تحكم مسيرة نشاطها، ومن همومها الأساسية توظيف جميع إمكانات الأمة من أجل تحقيق هذه الغاية، ومن أدلة الحرص على تحقيق هذه الغاية أن هناك برامج زمانية مقسمة على مجموعات من الأعوام، من أجل تحقيق المتابعة الدقيقة والتَّأَكّدُ من جدية التنفيذ.
ومن جانب آخر؛ فالعناية بقضايا المرأة هي أيضاً واحدة من هموم المنظمة الأساسية، الأمر الذي جعل المنظمة تقيم مؤتمراً وزارياً جامعاً لهذا الموضوع -دراسة ومعالجة- في القاهرة في نوفمبر 2008م، وضعت من خلاله خطط للمعالجة، واتخذت قرارات وتوصيات للمتابعة.
أما الشباب وقضاياه… فإن العناية بذلك إنما هي من أوجب الواجبات، إذ أن الشباب هم طاقات الحاضر ورصيد المستقبل، الأمر الذي يوجب على كيانات الأمة كلها العناية الكاملة بقضاياه، وإلا فإن مستقبل الأمة سيكون ماضياً في طريق مُظلم. ولهذا فإن المنظمة تقوم برعاية هذه المهمة من خلال الإدارة العامة للشؤون الثقافية والاجتماعية والأسرة، سعياً لضمان التناسق الحتمي في البناء الاجتماعي الذي أساسه الأسرة بكل مكوناتها من مرحلة الطفولة إلى مراحل الشباب، حتى تتحقق الطمأنينة على السلامة المطلوبة.
أما محور الدين والتعدد الثقافي، فإن المنهج الدعوي الذي تسعى المنظمة لتكريسه في حياة الناس وواقعهم فهو منهج الوسطية، وهو منهج واضح المعالم توجيهاته ومكوناته مستقاة من الكتاب الكريم والسُنة النبوية المطهرة. فالحق سبحانه وتعالى يقول: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)الممتحنة:8. ومعلوم أن “البر” هو أعلى درجات حُسن المعاملة، و “القسط” هو أعلى درجات العدالة. هذه هي تعاليم الإسلام وتربيته لأهله.
نسأل الله أن يُعين الجميع على المضي على هذا النهج، إنه نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأستاذ الدكتور أحمد خالد با بكر
أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي
مجمع الفقه الإسلامي الدولي
اقرأ ايضا
آخر الأخبار