معالي الأمين العام يدعو إلى توفير الحماية اللازمة لصناعة الفتوى في مؤتمر إفتاء القاهرة
17 أكتوبر، 2022

بدعوة كريمة من فضيلة الشيخ الدكتور شوقي إبراهيم عبد الكريم علام، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، مفتي الديار المصرية، شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، في أعمال المؤتمر العالمي السابع لدار الإفتاء تحت عنوان “دور الفتوى في تحقيق أهداف التنمية المستدامة” والمنعقد تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بالقاهرة يومي الاثنين والثلاثاء 21- 22من شهر ربيع الأول لعام 1444هـ الموافق 17 – 18 أكتوبر 2022م، وذلك تحت رعاية فخامة السيدعبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية.

هذا، وقد القى معاليه كلمةً في الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر عبر فيها عن شكره وامتنانه لأرض الكنانة وأهلها الطيبين قيادة وشعبًا على عقد هذا المؤتمر الكريم حول موضوع مهمِّ من موضوعات الساعة، كم أعرب عن جزيل شكره، وفائق تقديره لفضيلة مفتي الجمهورية على دعوة المجمع للمشاركة في هذا الملتقى العلميِّ الرائع.


ثم تحدث معاليه عن أهمية الفتوى في حياة الشعوب، فقال ما نصه: ” أنَّ الفتوى كانت ولا تزال وستظلُّ ملاذ الشعوب وملجأ الأمم من أجل معرفة أحكام الشرع في النوازل والمستجدات، بل من مكرور القول ما كان وما ينبغي أن يكون للفتوى من مكانة عظمى، ومنزلة عليا في تشكيل العقل المسلم المعاصر، وتحديد هويّته، ونظرته إلى نفسه، ومجتمعه، والعالم حوله، ولذلك، فليس من عجبٍ أن ينحصر التوقيعُ عن ربِّ العرش العظيم وبيان الأحكام الشرعيَّة للعالِمين في كوكبةٍ متميزة من العلماء الربانيّين الذين يجمعون بين معرفة الشرع، ومعرفة الواقع، ومعرفة الواجب فيه.. وليس من غرابة في شيء أن تظلَّ ممارسة هذه الصناعة الشريفة محلَّ قداسةٍ وحرمةٍ عبر التاريخ، وذلك انطلاقًا مما لها من تأثيرٍ في التصورات، والتصرفات، والممارسات” . كما أشار معاليه إلى أن صناعة الفتوى كانت في حقبة من الزمن تمارس في زوايا المساجد والجوامع، غير أنها أصبحت اليوم ” فإنَّها أصبحت اليوم تُمارَسُ عبر الصحف والمجلات، والإذاعات، والقنوات الفضائيَّة، والصفحات العنكبوتيّة، كما أضحت اليوم تُمَارَسُ عبر الهواتف الثابتة، والجوالات، والرسائل القصيرة، والبريد الإلكتروني، وسواه من وسائل الاتصال والتواصل المستحدثة في الملّة، الأمر الذي زاد من تأثيرها على الأفراد والمجتمعات تأثيرًا سريعًا وعميقًا. بيْدَ أنَّه مما يؤسف له ما نراه اليوم من تكالبٍ محمومٍ وتسابقٍ مذمومٍ على حماها من لدن المتجاسرين الذين لا يرقبون في مؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إلًّا ولا ذمَّة، بل يتخذونها مطيَّةً لشهرةٍ زائفةٍ، وشعبيَّة واهيةٍ، ووسيلةً رخيصةً لبثّ السموم الفكريَّة، وإشاعة الأدواء الاجتماعيَّة، ونشر الأزمات الاقتصاديَّة، وإشاعة الاضطرابات السياسيَّة”. ثم بين معاليه أن العلاجالعلاج الأمثل من الابتلاءات الفكرية المعاصرة يكمن كمونًا في توفير الحماية اللازمة لهذه الصناعة المباركة، وتحقيق الرعاية القانونيّة الحاسمة التي تحمي العباد والبلاد من الفتاوى البائرة الجائرة الحائرة الخائرة الصادرة من غير أهلها، ونحسب أنَّ المخرج الأحكم من الأزمات الاقتصاديّة المتراكمة يتطلب تجاوز توجسات المتعالمين الذين يحلُّون الحرام البيِّنَ، ويحرّمون الحلال البيِّن من المعاملات الماليَّة المعاصرة نتيجة عجزهم عن التمييز بين المحكمات والمتشابهات من أحكام المال والأعمال؛ ونحسب يقينًا أنَّ المنقذ الآكد من القلاقل والاضطرابات الاجتماعيّة التي لا تفتأ تداهم الأقطار والأمصار يقتضي اتخاذ التدابير الفكريَّة والأمنيَّة الواقيات التي تضع حدّا لتلك الفتاوى المشؤومة المحمومة التي تذكي الفكر المتطرف، وتمجِّد التطرف العنيف، وتبارك التعصب والإرهاب، وتدعو إلى القتل والقتال والانقتال ظلمًا وعدوانًا.


وختم كلمته بالإشادة بأهمية هذا المؤتمر ومثيلاته لتصحيح المفاهيم ورسم الخطى من أجل إعادة الهيبة والقداسة والحرمة لهذه الصناعة، فقال: إيْ لعمر الحقِّ، إنَّ مؤتمركم هذا وصِنْوَه من الملتقيات العلميَّة الرصينة والتظاهرات الفكريَّة الرشيدة ليبشِّر ببزوغ فجر جديد من التواصل المنشود والتكامل المرجوِّ والتنسيق المطلوب بين أهل الفتيا في الأرجاء من أجل لم الشمل، ورصِّ الصفِّ، وتوحيد الكلمة إزاء نوازل الأمَّة وقضاياها المصيريّة الكبرى، وكَفْكَفَة ما تعانيه الشعوب من تناحر وتفرق وتنابز نتيجة انتشار الفتاوى الشاذّة المغرضة حينًا والمكفّرة طورًا والمفجّرة تارةً!!
إنّ مؤتمركم هذا ينعقد اليوم حمايةً لهذه الصِّناعة المباركة من خَطَر العَابِثِين بِأَمْنِ الشُّعوبِ والأُمَم، وتكاتفًا للجهود من أجل دحر دابر المتجرِّئين عليها عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، بل إنَّه ينعقد من أجل رسم الخطوط، ووضع الإستراتيجيات القادرة على وضعِ حدٍّ للانتهاك السافر الذي تتعرض له هذه الصناعة في العصر الحاضر على أيدي أُولَئِكَ المتجاسرين الذين ما بَرِحُوا ينشرون الفِتَن في البلدان، ويدمِّرون البيوت، ويبثُّون الفُرقة، والكراهيَّة، ويفترون على الله الكذب جهارًا نهارًا!
إنَّ مؤتمركم هذا ينعقد إبرازًا لذلك الدور المرتجى لصناعة الفتوى في تعزيز وعي الشعوب بأهميَّة التعاون والتكامل والتآزر من أجل تحقيق أهداف التنمية الشاملة التي اتفقت عليها أمم الأرض، وتبنتها شعوب الأقطار والأمصار، وتأكيدًا على كون تلك الأهداف النبيلة مبادئ ثابتةً وقيمًا خالدةً تقرُّها عقيدتنا السمحة، وتحتضنها شريعتنا الغرَّاء، وتنتظمها تعاليم ديننا الحنيف”.
هذا، وقد لقيت كلمة معاليه قبولا واستحسانا كبيرين، ونشرت معظم الصحف والمواقع الإلكترونية مقتطفات من الكلمة على صفحاتها.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى