تلقت أمانة مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي بالإشادة والتقدير الإعلان الذي صدر في الرياض مساء الاثنين 3/ ربيع الأول 1437 الموافق 14 /12 /2015 والذي أعلن عن تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب المكون من 34 دولة إسلامية، وذلك “انطلاقا من التوجيه الرباني الكريم: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) سورة المائدة: 2، ومن تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها التي تحرّم الإرهاب بجميع صوره وأشكاله لكونه جريمة نكراء وظلم تأباه جميع الأديان السماوية والفطرة الإنسانية”.
وترى أمانة المجمع أن هذا التحالف العسكري الذي يأتي التزاماً بالأحكام الشرعية المقررة ودفاعاً عن الإسلام والأمة وانسجاما مع أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبه ومسمياته، وذلك ضمن مواجهة شاملة بكل أبعادها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والعسكرية لقطع دابر شروره واستئصال شأفته، وحماية للأوطان والمقدرات، وخدمة للمعاني الإنسانية الراسخة وإنقاذاً للبشرية من أهوال الإرهاب وكوارثه المدمرة، وقد وجهنا القرآن العظيم إلى وجوب التصدي الحاسم للفساد في الأرض والذي يتجلى في قول الله سبحانه وتعالى في آية الحرابة: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) سورة المائدة: 33 – 34.
وتؤكد أمانة المجمع أن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي ينطلق من أحكام الشريعة الإسلامية يحرص غاية الحرص على وضع الخطط الراشدة المحققة لأهدافه، معاقبة للمسيئين المخالفين الذين يمارسون صور الإرهاب المتعددة دون مساس بالأبرياء بأي صورة من الصور انطلاقاً من قوله تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) سورة النجم: 39، وقوله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) سورة الأنعام: 164، وقوله جل من قائل: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) سورة المدّثر: 38.
وتؤكد أمانة المجمع على ضرورة إعطاء الأهمية البالغة ضمن محاربة الإرهاب للمكون الأهم في ذلك، والمتمثل “بالمواجهة الفكرية الواعية” التي تزيل الغبش عن بصائر الأجيال الشابة التي خُدعت أو قد تُخدع بتلبيس الفكر الإرهابي المضلل، وفي هذا السياق تؤكد أمانة المجمع على أهمية المناصحة الفكرية في مواجهة هذه الظاهرة المرفوضة إيقافاً لعملية التضليل والخداع التي تحاول الترويج لهذا الفكر المنحرف الذي يشوه صورة الإسلام المشرقة، والتي أثبتت نجاحها في العديد من الدول في تصحيح المفاهيم وإزالة الشبه وتجلية حقائق الإسلام ومقاصده لدى المنخدعين بالفكر الإرهابي المقيت، وهذا يؤكد دور العلماء والمفكرين في تحقيق هذا الهدف الكبير.
ومن هنا تبرز أهمية العناية بمناهج التربية والتعليم ووسائل الإعلام، ومنابر التثقيف ضمن استراتيجية شمولية متكاملة.
وقد بذل مجمع الفقه الإسلامي الدولي جهودا كبيرة في مواجهة الفكر المتطرف ومقولات الإرهاب المزعومة غطت الأبعاد الفكرية الخاصة بهذا الموضوع والتي تتطلب جهوداً كبيراً لنشرها وترجمتها إلى لغات متعددة، مشاركة فاعلة في مواجهة هذه الظاهرة المرفوضة بكل حسم، ويواصل المجمع بذل هذه الجهود للتصدي لهذه الظاهرة بالتعاون مع الجهات الفكرية والدعوية المناظرة في العالم الإسلامي لتكون المواجهة أفعل وأسرع في تحقيق الفوائد المطلوبة.
ويأتي في هذا السياق الوقوف عند أسباب هذه الظاهرة ومحركاتها بقوة وفاعلية ونظر سديد، والذي يتطلب خططا شمولية تغطي كل الأبعاد الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وأن تقوم الممارسات الدولية على نصرة الحق ورد الحقوق المسلوبة إلى أهلها في قضايا الأمة وبخاصة القضية الفلسطينية بعيداً عن ظاهرة الكيل بمكيالين في العلاقات الدولية، وأن تتم هذه المواجهة بالتنسيق الشامل مع كل القوى العالمية الفاعلة الحريصة على تحقيق السلام القائم على العدل، والمحافظة على الحقوق في العلاقات الدولية.
حمى الله بلادنا ومجتمعاتنا وأوطاننا من كل سوء، ورد عنا شرور الإرهاب ومكر الأعداء، ومنَّ علينا بمزيد من نعمة الأمن والإيمان والسلم والإسلام.
(رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)
اقرأ ايضا
آخر الأخبار