مجمع الفقه الإسلامي الدولي يبحث موضوع التحوط في المعاملات المالية

بحث مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المتفرع عن منظمة التعاون الإسلامي، موضوع التحوط في المعاملات المالية: الضوابط والأحكام، من خلال منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي، الذي تنظمه دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، بدبي دولة الإمارات العربية المتحدة، في دورته الثانية.

ويأتي بحث موضوع التحوط في المعاملات المالية، حرصا من مجمع الفقه الإسلامي الدولي، انطلاقا من مسؤولياته في بحث ودراسة القضايا المستجدة والهامة، التي تهم المسلمين في شتى مجالات الحياة، وبيان حكم الشرع فيها.

وقد انعقد المنتدى برعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لمنتدى فقه الاقتصاد الإسلامي.

ومن مقر فندق انتركونتيننتال فيستفال سيتي، انطلقت أعمال الدورة الثانية للمنتدى، وبحضور سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله تعالى، نيابة عن سمو ولي عهد دبي، الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله تعالى، وعدد من العلماء في الفقه والاقتصاد الإسلامي، على رأسهم معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، إمام وخطيب المسجد الحرام، المستشار بالديوان الملكي، ومعالي الأستاذ الدكتور عبد السلام العبادي، أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي، افتتحت الدورة الثانية للمنتدى أعمالها، في تمام الساعة الثانية عشرة من صباح يوم الثلاثاء: 19 من شهر رجب 1437هـ، الموافق: 26 من إبريل 2016م، بآيات من القرآن الكريم، تلتها كلمة سعادة الدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني، المدير العام لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، وأشار فيها إلى أهمية الدورة وموضوعها، معربا عن شكره لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، واهتمامه ببحث هذا الموضوع الهام للصناعة المالية الإسلامية، كما قدم شكره للمشاركين من العلماء والباحثين، ثم تلت كلمته، كلمة معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الذي أعرب عن شكره، لدولة الإمارات العربية المتحدة، وإمارة دبي، والدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، على جهودهم في عقد المنتدى، وتعاونهم مع المجمع.

وقد استهلت الجلسات العلمية للمنتدى، بكلمة من معالي الأستاذ الدكتور عبد السلام العبادي أمين المجمع، أعرب فيها عن شكره لدولة الإمارات العربية المتحدة، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، ممثلة في مديرها العام الدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني، ورئيس اللجنة العلمية للمنتدى، فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، مفتي دبي. وبعدها ألقى معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، كلمة عامة حول موضوع الدورة.

وقد قدم في موضوع المنتدى، سبعة عشر بحثاً، تناولت موضوع التحوط وأهميته، وأهم أدواته التقليدية، وبعض صيغه الإسلامية، وعلى مدار أربع جلسات علمية، تمت مناقشة البحوث المقدمة، مناقشة مستفيضة، توصل المشاركون في الدورة بعدها إلى قرارات علمية نافعة، سوف ترفعها أمانة المجمع إلى مجلسه في دورة المجمع القادمة، ليتخذ فيها القرار المناسب.

هذا وقد شارك في عقد المنتدى مع: دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي.

وعلى هامش المنتدى قام المشاركون بزياة لجائزة دبي للقرآن الكريم، اطلعوا خلالها على أنشطة الجائزة، وما تقدمه من أعمال نافعة، في مجال حفظ القرآن الكريم وترتيله، وطباعته.

وقد اختتمت الدورة أعمالها بتلاوة البيان الختامي والتوصيات، من فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، رئيس اللجنة العلمية للدورة، تلتها كلمة من معالي الأستاذ الدكتور عبدالسلام العبادي، أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ثم كلمة من سعادة الدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني، مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري ورئيس منتدى الفقه الاقتصادي الإسلامي.

هذا وقد صدر عن دورة المنتدى القرارات والتوصيات التالية:

القرارات: قرر المشاركون ما يلي:

أولاً: المقصود بالمصطلحات الأساسية (المفاهيم):

  1. مفهوم التحوط:

أ. مفهوم التحوط في معناه العام، يعني التغطية والاتقاء، أوالوقاية أو الحماية، وبمعنى الحماية ورد عند الفقهاء.

ب. مفهوم التحوط في الاصطلاح المالي: يعني اجراءات منظمة لإدارة المخاطر بتحييدها أو الحد منها أو إلغائها ، من خلال نقلها إلى طرف آخر.

ج. اتجه أغلب المشاركين في الدورة إلى أن مفهوم التحوط يعني الحماية من المخاطر وتخفيف آثارها، دون حصر مفهومه فيما هو شائع من العمليات في الأسواق المالية، التي يقوم أغلبها على الربا والمعاوضة على الإلتزام. وتتضمن هذه الصيغ المشتقات (DERIVATIVES) والتي تشتمل على: المستقبليات (Futures) والاختيارات (Options)، وعمليات المبادلة المؤقتة (Swaps) وبعض هذه الصيغ سبق للمجمع أن قرر عدم مشروعيتها بنص القرار، مثل الاختيارات، والمستقبليات والمبادلات المؤجله بمفهوم القرار الخاص بالأسواق المالية.

  1. مفهوم الخطر:

ومعناه في اللغة: الاشراف على الهلاك.

وفي الاصطلاح المالي: احتمال وقوع الخسارة أو فوات الربح أو عدم تحققه دون مستوى العائد، والخطر المستهدف بهذا المعنى لا ينفك عن النشاط الاقتصادي، وقد وردت في الشريعة الإسلامية عقود التوثيقات مثل الرهن، والكفالة “الضمان”وغيرهما لحماية طرفي العقد من مخاطر المعاوضة، والمخاطر اجمالاً غير مرغوب فيها، لأن فيها تعريض المال للهلاك.

  1. وأما الحماية فتعرف بأنها: استخدام الوسائل المتاحة للوقاية من الخسران أو النقصان أو التلف.

والحماية بهذا المعنى أعم من ضمان رأس المال، من حيث إن الضمان هو الالتزام من جهة معينه بتحمل ما يلحق برأس المال من خسارة أو تلف أو نقصان؛ أما الحماية فهي وقاية رأس المال فيشمل الضمان المباشر وغير المباشر.

ثانياً: موقف الشريعة الإسلامية من التحوط من المخاطر:

  1. التحوط بمعناه العام، يقصد به الوقاية والحماية للمال من المخاطر، وهو بهذا المعنى يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ المال.
  2. الحكم الشرعي في التطبيقات العملية، يتوقف على مدى التزام صيغ وآليات التحوط بشتى صورها بالضوابط الشرعية.
  3. نظراً لتعدد صيغ التحوط وأساليبه وآلياته في التطبيقات العملية في المؤسسات المالية الإسلامية، ولكونها من المسائل المستجدة،التي تتسع لها قواعد الاجتهاد في الشريعة الإسلامية السمحة، فإنه سوف يتم التركيز على الضوابط الشرعية بدلاً من البحث في التطبيقات الجزئية التفصيلية التي لا تتناهى في العمل المالي اليومي، وعلى ذلك سوف تترك الدورة تفصيلات التطبيقات العملية لهيئات الرقابة الشرعية المركزية، وللهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.

ثالثاً: الضوابط الشرعية لصيغ وأساليب التحوط:

  1. أن لا تنطوي صيغ التحوط على الربا أو تكون ذريعة إليه، وألا تشتمل على الغرر الفاحش، لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.
  2. أن لا تكون الصيغة في حد ذاتها غير مشروعة.
  3. أن لا تؤدي صيغة التحوط إلى بيع الديون وتبادلها الممنوع شرعاً، كما هو مشاهد في عقود الأسواق المالية التقليدية.
  4. أن لا تؤدي صيغ التحوط إلى بيع الحقوق المجردة، مثل بيوع الاختيارات التي أكد المجمع على منعها بقرار رقم 63 (1/7) فقرة 2 (ب)، وكذلك ألا تؤدي إلى المعاوضة على الالتزام مثل الأجر على الضمان الذي منعه المجمع بقراره رقم 12 (12/2).
  5. مراعاة مقاصد الشريعة الإسلامية، عند صياغة عقود التحوط، وكذلك مراعاة مآلات تلك العقود وآثارها في الجوانب المختلفة، لأن مراعاة المآلات أصل معتبر شرعاً.
  6. أن لا تؤدي عقود التحوط إلى ضمان رأس المال أو الربح المتوقع، سواء أكان الضمان من المدير أم المضارب أم الوكيل، وذلك في حالات عدم التعدي أو التقصير أو مخالفة الشروط.
  7. لا يجوز أن يكون الخطر في حد ذاته محلاً للمعاوضة.
  8. أن يكون المقصد من أدوات التحوط المحافظة على سلامة المال وليس لأجل المقامرة على فروقات الأسعار (Speculation).

التوصيات:

يوصي المشاركون في الدورة بما يلي:

  1. حث القائمين والعاملين في المؤسسات المالية الإسلامية على الاستفادة من الصيغ والعقود التي أقرها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، في صياغة عقود التحوط والمعاملات، مثل: السلم، والسلم الموازي، والمرابحة للآمر بالشراء، والاستصناع، والاستصناع الموازي، وخيار الشرط، والعربون، وذلك بالضوابط الشرعية الواردة في تلك القرارات.
  2. دعوة أمانة المجمع لعقد ندوة متخصصة بالتعاون مع المؤسسات المالية الإسلامية ومراكز البحوث، لبحث ودراسة القضايا والأدوات المالية الأساسية في التحوط، منها: المعاوضة على الالتزام، الوعود المتبادلة، المرابحات المتقابلة.
  3. دعوة البنوك الإسلامية لإنشاء مركز متخصص يعنى بابتكار منتجات مالية إسلامية، وتطويرها وعرضها على مجمع الفقه الإسلامي الدولي لاعتمادها.

وقد اختتمت الدورة أعمالها بتلاوة البيان الختامي والتوصيات، من فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، رئيس اللجنة العلمية للدورة، تلتها كلمة من معالي الأستاذ الدكتور عبدالسلام العبادي، أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ثم كلمة من سعادة الدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني، مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري ورئيس منتدى الفقه الاقتصادي الإسلامي.

هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والله ولي التوفيق،

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى