متابعة لسلسلة الاجتماعات واللقاءات التي يعقدها وفد علماء الأمة الذي يزور أفغانستان بقيادة مجمع الفقه الإسلامي الدولي منذ أيام، اجتمع الوفد صباح يوم الأحد 17 من شهر صفر لعام 1445هـ الموافق 3 من شهر سبتمبر لعام 2023م بمقر إقامة الوفد بالعاصمة الأفغانية كابل بأحد رموز السلطة الحاليّة بأفغانستان معالي الشيخ المولوي محمد نور ثاقب، رئيس المحكمة العليا سابقًا، ووزير الحج والأوقاف والإرشاد حاليًّا.
هذا، وقد بدأ الاجتماع بتلاوة آيٍ من القرآن الكريم، ثم ألقى معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، كلمة الوفد، معبرًا عن امتنان الوفد الكبير وتقديره العميق لحُسن الاستقبال، وكرم الضيافة، وحفاوة الترحيب، ومهنّئًا السلطة القائمة بتمكُّنها -بفضل الله وتوفيقه- مِن بسْطها الأمن والأمان والاستقرار على كل محافظات البلاد، كما أعرب عن ترحيب الوفد بقرار السلطة القاضي بفتح المدارس الدينية بجميع مراحلها للبنات والبنين، حيث رأى الوفد بنات المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية يجُبْنَ شوارع كابل حاملات على ظهورهن الحقائب المدرسية. ثم أوضح معاليه أن الوفد يتطلّع عاجلاً لا آجِلاً إلى رؤية فتيات الجامعة عائدات إلى مقاعد الدراسة في الجامعات؛ تمكينًا لهنّ من متابعة دراساتهن في الطب والهندسة والعمارة والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء، جَنْبًا إلى جَنْب مع الدراسات الشرعية، وذلك لأن التعليم بشقّيه الديني والدنيوي وبجميع مراحله مأمور به في الشريعة الإسلامية، وحقٌّ مقدَّسٌ للإناث والذكور وللرجال والنساء، ولا يجوز حرمان أيٍّ منهم تحت أيّ ذريعة، ذلك لأن التعليم في الإسلام مقدَّم على كل شيء بلا استثناء. وأكد معاليه ثقة الوفد في قيام معالي الوزير بدوره المُرتجَى في تقديم النصح والإرشاد والتوجيه، إيمانًا بالمكانة العلمية لمعاليه، وخبرته المهنية والإدارية، وتمكينه من علوم الدين وعلوم الدنيا كالرياضيات وغيرها، كما أكد معاليه أن تعليق دراسة البنات والفتيات تجنّبًا من الاختلاط وعدم الالْتزام بالحجاب يمكن معالجة ذلك بالنظام التعليمي الذي يعتمد الفصل بين الإناث والذكور، حيث تكون للبنات مدارس، وكليات منفصلة عن مدارس وكليات البنين، فـتنْتفي علّة الاختلاط، كما تنْتفي علّة عدم الالْتزام بالحجاب؛ لأنه -كما معلوم- لا يجب على المرأة المسلمة لُبس الحجاب أمام امرأة، بل حجابها مع بنات جنسها هو ما بين السُّرّة والركْبة باتفاق جميع المذاهب الإسلامية. وأشار معاليه إلى أن النظام القائم على الفصل بين الإناث والذكور في المدارس والجامعات معمول بها في عدد من الدول الإسلامية كالمملكة العربية السعودية، والكويت، وفي عدد من المؤسسات العلمية العريقة كجامعة الأزهر الشريف، وختم معاليه حديثه بدعوة السلطة إلى الاستفادة من تجارب وإمكانات الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي في مجال المناهج الدراسية الجامعة بين علوم الدين وعلوم الدنيا، منوِّهًا بأن التفريق بين العلوم الدينية والدنيوية لا يستند إلى دليل شرعي، فكما تحتاج الأمّة إلى علماء الدين، فإنها تحتاج أيضًا إلى علماء الدنيا، ولذلك، فإن علماء الأمة يناشدون السلطة القائمة إلى الإسراع بفتح الجامعات أمام الفتيات، وإعادة تدريس المواد العلمية بجانب المواد الدينية في المدارس التي افتتَحتْها، وبذلك يتمكّن الشعب الأفغاني من إعداد جيل متكامل وقادر على عمارة الكون وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، راجيًا من الله أن يأخذ بأيدي السلطة إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد. ومن جانبه، أعرب معالي الوزير عن تقدير الإمارة الفائق لزيارة وفد العلماء، شاكرًا إياهم على هذه الزيارة الثانية من نوعها خلال عامين، تأكيدًا وتعبيرًا عن وقوف علماء الأمة مع الشعب الأفغاني، فجزاهم الله خيرا، ثم قدّم للوفد معلومات ضافية عن إنجازات الإمارة خلال العامين الماضيين في مجال الأمن والاقتصاد، والتعليم، كما تحدث عن الصعوبات والتحديات التي تواجِهها السلطة في مجالات شتَّى، وبخاصة في مجال التعليم، ذلك لأن المحتلّين حاولوا خلال سِنِيِّ الاحتلال تلْقِين الشعب الأفغاني الإلحاد والتمرّد على القِيَم والعادات، ومحاربة الاحتشام، وتشجيع المُجُون والانحلال، ولهذا، قرَّرت السلطة تعليق الدراسة (وليس إلغاءها إلى الأبد) عملاً إلى تهيئة الأجواء، وإعداد المناهج الملتزمة بالقيَم الإسلامية والعادات الأفغانية. ثم أوضح أن السلطة تدرُس حاليًّا إعادة فتح الدراسة في بعض التخصصات الضرورية كالطب والزراعة، ولذلك، فإنه يرجو من العلماء تفهُّم الوضْع في أفغانستان، والاستمرار في تقديم الدعم والنصح وتكرار الزيارة، كما يدعو العالم الإسلامي إلى الوقوف مع الشعب الأفغاني بتقديم الدعم والعون في النهوض بالمؤسسات التعليمية، وطباعة المناهج، وغير ذلك من الدعم الذي يمكن السلطة من التغلّب على الصعوبات المالية التي تواجهها السلطة بعد توقّف كافة المساعدات التي كانت تقدّمها الدول إبّان الاحتلال.
ثم أُتيحت الفرصة لعدد من أصحاب الفضيلة العلماء المشاركين والمشاركات للإدلاء بآرائهم، فأكدوا جميعًا مناشدتهم السلطة إلى العمل سريعًا من أجل تمكين البنات والفتيات الأفغانيات من التعليم بشقّيه الديني والدنيوي وبجميع مراحله وفقًا للضوابط الشرعية.
وفي نهاية الاجتماع، طَمْأنَ معاليه الوفد بأنه سينقل بأمان مناشدة العلماء إلى ولي الأمر بالإمارة الإسلاميّة متمنّيًا تجدّد اللقاء بالعلماء قريبًا بإذن الله تعالى.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار