الأمين العام للمجمع يشارك في مؤتمر الدوحة الحادي عشر للمال الإسلامي

شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، في فعاليات “مؤتمر الدوحة الحادي عشر للمال الإسلامي” الذي انعقد في يوم الثلاثاء 10 من شهر شوّال 1446هـ الموافق 8 من شهر أبريل 2025م في مدينة الدوحة بفندق الريتز كارلتون، بعنوان: “تكامل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي ومستقبل التمويل الإسلامي”، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وبمشاركة العديد من الجهات والمؤسسات المالية المحلية والعالمية.

 

واستهلّ معالي الأمين العام كلمته بالحمد والثناء على الله، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم توجّه بالشكر والتقدير لدولة قطر قيادةً وشعبًا على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، كما أعرب عن بالغ شكره وعميق تقديره لبيت المشورة للاستشارات المالية على دعوتهم للمشاركة في هذا المؤتمر النوعي المهم، وخص بالشكر والعرفان سعادة الدكتور أسامة بن قيس الدريعي، الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة، على جهوده المتميزة في تنظيم هذا المؤتمر الرفيع الآنِيّ المهم.

وأكد معاليه أن الثورة الرقميَّة التي يشهدها العالم المعاصر “ليست طفْرةٍ عابرة، بل هي تحوّل عميق، وتطوّرٌ مُذهلٌ يستدعي مقاربات متجدّدة، وتصوّراتٍ مَرنة، واستجاباتٍ واقعيةً، والعالم يمضي سريعًا نحو تحوّلات متسارعة تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكُتَل (البلوك تشين)، ولذلك، فإن الحديث عن مستقبل التمويل الإسلامي في خِضَمّ هذه المتغيّرات يُعتبر حديثًا مسؤولًا، وذلك انطلاقًا من كونه نموذجًا اقتصاديًا متكاملًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين الفاعليَّة الاقتصاديَّة، والمصداقيَّة القِيَميّة، ويستند إلى مقاصد ساميَة عُليا تجعل منه منظومةً متكاملة تَرنُو إلى تنمية المال، ورواجه، وتحقيق العدالة في توزيعه، وضمان الوضوح في كسبه، وصيانة الحقوق فيه، وحفظه من كل عدوان، وصولًا إلى تحقيق الرفاهة الشاملة للفرد والمجتمع والأمة والعالم”. كما أكد معاليه بأن “مقاصد استثمار المال في الشريعة الخمسة لا تنفصل عن روح الثورة التقنيّة الراهنة، بل تنسجم معها؛ لأنها تُوجّهها نحو خدمة الإنسان، لا استغلاله، وتوظيف المال لا تقديسه، وتحقيق السعادة لا لنشر الشقاء، ولذلك، فإنَّ مستقبل التمويل الإسلاميِّ لا يمكن فصلُه عن مستقبل هذه الديناميكيّات الجديدة التي غيّرت معالم الأسواق، وأعادت تشكيل مفاهيم الاستثمار، وأفرزَت أدوات غير تقليدية للتبادل والتعاقد والتخطيط المالي، وإنَّنا مدعُوُّن اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر الحصيف في جملة من الأساليب التقليدية للتمويل والاستثمار؛ بُغيةَ الارتقاء بها إلى آفاق جديدة من الفعالية، والشفافية، والابتكار”.

 

ثم أشار معاليه إلى “أن هذه التقنيات تمثل فرصًا إستراتيجية لتطوير التمويل الإسلامي وتعزيز كفاءته، منوِّهًا بأهمية الاستعانة بتقنية (البلوك تشين) في إبرام وتنفيذ العقود الشرعية مثل: المرابحة، والمضاربة، والإجارة، والشراكة، وذلك وفقًا للقرارات المَجمَعيّة، والمعايير الشرعية، ودون الحاجة إلى وُسطاء، أو مخاوف من الغَرَر، أو تأخير في التنفيذ، تحقيقًا لمقاصد الشرع في المال، وبخاصة مقصد الوضوح، وضمان الشفافية، والامتثال الشرعي في كل معاملة، فضلًا عن أنه من الممكن الاستعانة بها لإدارة الصكوك الإسلامية بذكاء ودقّة من خلال إصدار صكوك ذكية تتبع حركة الأصول، وتتفاعل مع تغيّراتها بشكل لَحظي، رفعًا من كفاءة الرقابة والتدقيق، وتحقيق مزيد من الشفافية والموثوقية”. ثم أشار معاليه إلى أهمية الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي وصفه بأنه “بحقٍّ معجزةُ هذا العصر، بما يُتيحه من قُدرات خارقة على تحليل كَمٍّ هائل من البيانات، واستخلاص رؤى دقيقة تُسهِم في اتخاذ قرارات تمويلية واستثمارية أكثر رُشدًا واتّساقًا مع أحكام الشريعة، ولذلك، يمكن توظيف هذا الذكاء في تحسين عمليات تقييم المخاطر، وتقديم الاستشارات المالية المتخصصة، وتعزيز الرقابة والتدقيق الشرعيَّين من خلال الكشف عن أيّ انحراف عن القرارات المَجمَعيّة والمعايير الشرعية؛ تعزيزًا للحوْكمة الشرعية، وتعميقًا للامتثال الشرعي، وزيادة للثقة في المؤسسات المالية الإسلامية”. وأوضح معاليه بأن الاستفادة من تكامل هاتَين التقنيتَين تمثّل فرصةً ذهبية لإعادة هَيكلة النظام المالي الإسلامي برُمَّته، على أُسُس جديدة تجمع بين الذكاء التحليلي والأمان التكنولوجي، بين الرؤية والتنفيذ، وبين المُرونة والانضباط، مشيرًا إلى أن هذا التكامل المأمول “لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال رؤية شاملة، وأُطُر تنظيمية مُحكمة، تحافظ على الهوية القيَميّة للتمويل الإسلامي، وتضمن استخدامًا مسؤولًا ومستنيرًا للتقنيات الحديثة. كما أنه يتطلب إعداد كفاءات علمية، وتأهيل كوادر بشرية، تمتلك فهمًا عميقًا للشريعة، وإدراكًا واسعًا للتقنية، وقُدرة على المُواءَمة بينهما، ولذلك، فإن الحاجَة تمَسُّ إلى تعاون مختلَف مكوّنات منظومة التمويل الإسلامي المتمثلة في مؤسسات البِنْية التّحتيّة لصناعة المال الإسلامي، والجهات الرقابية، والبنوك والمؤسسات المالية، والشركات التقنية، أمَلًا في بناء بيئة داعمة للابتكار، ومشجّعة على التجريب، وضامِنة للامتثال الشرعي”.

 

وختم معاليه كلمته بقوله: “إننا نأمل أن يكون هذا المؤتمر الرائع بدايةً حقيقية لتحوُّل نوعيّ في مَسيرة التمويل الإسلامي، وأن تُسفِر مناقشاته عن بناء رؤًى علميةٍ ناضجة، ومُخرَجات عملية ناجعة، تُعيد للمال الإسلامي -عمومًا- وللتمويل الإسلامي وظيفته الأخلاقية، والرِّساليّة، وتُعيد للاقتصاد إنسانيّته المفقودة، وتحقّق الرفاهة الشاملة للفرد والمجتمع، وتُعلي من شأن التكامل المنشود والدائم بين الشرع والعقل، وبين الأصالة والمعاصرة، وبين الحكمة والابتكار، وبين القول والفعل”.

هذا، وقد شارك في المؤتمر لَفِيف من الباحثين ورُوّاد صناعة المال الإسلامي داخل دولة قطر وخارجها.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى