إنا لله وإنا إليه راجعون..
رحمك الرحمن، وغفر لك الغفار، وأنار مثواك النور، أخي الكبير أنسا عبد النور كليسا..
حقا.. {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} سورة الأحزاب – 23
نحسبك -بإذن الله تعالى- من أولئك الرجال الأفذاذ الأوفياء.
لطفك يا ربي..
في غضون ثلاثة أسابيع طوال امتدت يد المنون إلى أحبة كرام، فغيبت فقهاء عظاما، وأخفت نجوما أعلاما، وأطفأت أنوارا ساطعة، كانوا ملء السمع والبصر في الآفاق، وكانوا أنس المجالس ونور المحافل، يعلوهم الوقار، ويكسوهم الهدوء، ويملؤهم التواضع.. كان الواحد منا -نحن الإخوة الصغار- نلوذ بهم للتنفيس عن أحزاننا، ولإطفاء جمرة غضبنا، وتذمرنا من التعليقات العنيفة والتعقيبات الحادة على آرائنا واجتهاداتنا الجريئة البريئة في المؤتمرات والندوات.. كانوا لنا الناصحين المنافحين، المدافعين، المشجعين..
أخي الكبير كليسا..
لم تأل جهدا ولم تسأم لحظة من التوجيه الأخوي المخلص، وإسداء النصح، بل لم تترك مناسبة للثناء والافتخار والاعتزاز بأخيك الصغير.. كان وجودك في دورات المجمع على مدار عقدين من الزمن مصدر ثقة، وسبب أمان، ومرجع طمأنينة.. كم كنت أتوق إلى سماع تعليقاتك الهادئة التي كانت تتسم بالواقعية، وتتميز بالانفتاح، وتمتزج بالأريحية..
نعم، أذكر جيدا بأنني لمست فيك أثناء دورة المجمع بطيبة الطيبة هدوء غير معتاد، وسكونا غير معهود، وانعزالا غير مفهوم.. كأنك كنت عامئذ تودع تلك البقعة المباركة بعد أن صليت في روضة الحبيب، وصليت وسلمت على النبي الكريم، فداؤه أبي وأمي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم..
أخي الكبير،
خمسة أيام خلون عندما بعثت إليك خطابا راجيا منك اقتراح موضوعات للدورة القادمة للمجمع، وكم كنت سعيدا عند توقيعي ذلك الخطاب، بيد أنه لم يخطر بخلدي قط بأن ذلك الخطاب سيبقى بلا جواب منك، بل لم أفكر لحظة بأنك كنت على موعد للحاق بالرفيق الأعلى.
أما وقد رحلت عن دنيانا الفاتنة بعد أن نذرت حياتك للدعوة إلى الله، ونشر الإسلام، والدفاع عنه وعن أهله في يوغندانا وما حولها من دول.. أما وقد تركت أثرا طيبا في الأهل والأصدقاء والأحباب، فإنني أعدك وعدا أكيدا وجازما بأنني وإخوة كرام أحببتهم وأحبوك لن نألو جهدا في الابتهال إلى إلهنا المنان الغفار بأن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يتقبلك في الشهداء والصالحين، ويجمعنا بك في جنات الخلد في مقعد صدق عند مليك مقتدر في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
تعازينا وتعازي مجمعك الموقر رئيسا، وأمينا، وأعضاء، وخبراء، وإداريين،
وعظم الله أجر كل من دعا لك، وألهمنا وألهم أهلينا وأحبتك في يوغندا المحروسة وفي جميع الأصقاع الصبر والسلوان والرضى بما حكم وقدر حكم السماء، إنه هو الأعلم والأرحم والألطف..
أخوك الصغير/ قطب سانو
أمين عام المجمع
اقرأ ايضا
آخر الأخبار