قرار بشأن الذبائح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قرار رقم: 95 (10/3)[1]
بشأن الذبائح

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23-28 صفر 1418هـ الموافق 28 حزيران (يونيو) -3 تموز (يوليو) 1997م،

بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع الذبائح، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء وخبراء الأغذية، واستحضاره أن التذكية من الأمور التي تخضع لأحكام شرعية ثبتت بالكتاب والسنة، وفي مراعاة أحكامها التزام بشعائر الإسلام وعلاماته التي تميز المسلم من غيره، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله».

قرر ما يلي:

أولًا: التذكية الشرعية تتم بإحدى الطرق التالية:

1- الذبح، ويتحقق بقطع الحلقوم والمريء والودجين. وهي الطريقة المفضلة شرعًا في تذكية الغنم والبقر والطيور ونحوها، وتجوز في غيرها.

2- النحر، ويتحقق بالطعن في اللبة، وهي الوهدة (الحفرة) التي في أسفل العنق، وهي الطريقة المفضلة شرعًا في تذكية الإبل وأمثالها، وتجوز في البقر.

3- العقر، ويتحقق بجرح الحيوان غير المقدور عليه في أي جزء من بدنه، سواء الوحشي المباح صيده، والمتوحش من الحيوانات المستأنسة. فإن أدركه الصائد حيًّا وجب عليه ذبحه أو نحره.

ثانيًا: يشترط لصحة التذكية ما يلي:

1- أن يكون المذكي بالغًا أو مميزًا، مسلمًا أو كتابيًّا (يهوديًّا أو نصرانيًّا)، فلا تؤكل ذبائح الوثنيين، واللادينيين، والملحدين، والمجوس، والمرتدين، وسائر الكفار من غير الكتابيين.

2- أن يكون الذبح بآلة حادة تقطع وتفري بحدها، سواء كانت من الحديد أم من غيره مما ينهر الدم، ما عدا السن والظفر.

فلا تحل المنخنقة بفعلها أو بفعل غيرها، ولا الموقوذة: وهي التي أزهقت روحها بضربها بمثل (حجر أو هراوة أو نحوهما)، ولا المتردية: وهي التي تموت بسقوطها من مكان عال، أو بوقوعها في حفرة، ولا النطيحة: وهي التي تموت بالنطح، ولا ما أكل السبع: وهو ما افترسه شيء من السباع أو الطيور الجارحة غير المعلمة المرسلة على الصيد.

على أنه إذا أدرك شيء مما سبق حيًا حياة مستقرة فذكى جاز أكله.

3- أن يذكر المذكي اسم الله تعالى عند التذكية. ولا يكتفي باستعمال آلة تسجيل لذكر التسمية، إلا أن من ترك التسمية ناسيا فذبيحته حلال.

ثالثًا: للتذكية آداب نبهت إليها الشريعة الإسلامية للرفق والرحمة بالحيوان قبل ذبحه، وفي أثناء ذبحه، وبعد ذبحه:

فلا تحد آلة الذبح أمام الحيوان المراد ذبحه، ولا يذبح حيوان بمشهد حيوان آخر، ولا يذكى بآلة غير حادة، ولا تعذب الذبيحة، ولا يقطع أي جزء من أجزائها ولا تسلخ ولا تغطس في الماء الحار ولا ينتف الريش إلا بعد التأكد من زهوق الروح.

رابعًا: ينبغي أن يكون الحيوان المراد تذكيته خاليا من الأمراض المعدية، ومما يغير اللحم تغييرا يضر بآكله، ويتأكد هذا المطلب فيما يطرح في الأسواق، أو يستورد.

خامسًا:

(‌أ) الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان، لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل، رحمة بالحيوان وإحسانا لذبحته وتقليلا من معاناته، ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم، بحيث تحقق هذا الأصل في الذبح على الوجه الأكمل.

(‌ب) مع مراعاة ما هو مبين في البند (أ) من هذه الفقرة، فإن الحيوانات التي تذكى بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء في الوقت الحالي بما يلي:

1- أن يتم تطبيق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي-القذالي (القفوي).

2- أن يتراوح الفولطاج ما بين (100-400 فولت).

3- أن تتراوح شدة التيار ما بين (0.75 إلى 1.0 أمبير) بالنسبة للغنم، وما بين (2 إلى 2.5 أمبير) بالنسبة للبقر.

4- أن يجري تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين (3 إلى 6 ثوان).

(‌ج) لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة أو بالبلطة أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية.

(‌د) لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية، لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية.

(‌ه) لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيح ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأكسجين أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته.

سادسًا: على المسلمين المقيمين في البلاد غير الإسلامية أن يسعوا بالطرق القانونية للحصول على الإذن لهم بالذبح على الطريقة الإسلامية بدون تدويخ.

سابعًا: يجوز للمسلمين الزائرين لبلاد غير إسلامية أو المقيمين فيها، أن يأكلوا من ذبائح أهل الكتاب ما هو مباح شرعًا، بعد التأكد من خلوها مما يخالطها من المحرمات، إلا إذا ثبت لديهم أنها لم تُذَكَّ تذكيةً شرعيةً.

ثامنًا: الأصل أن تتم التذكية في الدواجن وغيرها بيد المذكي، ولا بأس باستخدام الآلات الميكانيكية في تذكية الدواجن ما دامت شروط التذكية الشرعية المذكورة في الفقرة (ثانيًا) قد توافرت، وتجزيء التسمية على كل مجموعة يتواصل ذبحها، فإن انقطعت أعيدت التسمية.

تاسعًا:

(أ) إذا كان استيراد اللحوم من بلاد غالبية سكانها من أهل الكتاب وتذبح حيواناتها في المجازر الحديثة بمراعاة شروط التذكية الشرعية المبينة في الفقرة (ثانيًا) فهي لحوم حلال لقوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)[المائدة:5].

(ب) اللحوم المستوردة من بلاد غالبية سكانها من غير أهل الكتاب محرمة، لغلبة الظن بأن إزهاق روحها وقع ممن لا تحل تذكيته.

(ج) اللحوم المستوردة من البلاد المشار إليها في البند (ب) من هذه الفقرة إذا تمت تذكيتها تذكية شرعية تحت إشراف هيئة إسلامية معتمدة وكان المذكي مسلمًا أو كتابيًّا فهي حلال.

ويوصي المجمع بما يلي:

أولًا: السعي على مستوى الحكومات الإسلامية لدى السلطات غير الإسلامية التي يعيش في بلادها مسلمون، لكي توفر لهم فرص الذبح بالطريقة الشرعية بدون تدويخ.

ثانيًا: لتحقيق التخلص نهائيًّا من المشكلات الناجمة عن استيراد اللحوم من البلاد غير الإسلامية ينبغي مراعاة ما يلي:

(أ) العمل على تنمية الثروة الحيوانية في البلاد الإسلامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

(ب) الاقتصار ما أمكن على البلاد الإسلامية في استيراد اللحوم.

(ج) استيراد المواشي حية وذبحها في البلاد الإسلامية للتأكد من مراعاة شروط التذكية الشرعية.

(د) الطلب إلى منظمة المؤتمر الإسلامي اختيار جهة إسلامية موحدة تتولى مهمة المراقبة للحوم المستوردة، بإيجاد مؤسسة تتولى العمل المباشر في هذا المجال، مع التفرغ التام لشؤونه، ووضع لوائح مفصلة عن كل من شروط التذكية الشرعية، وتنظيم المراقبة والإشراف على هذه المهمة. وذلك بالاستعانة بخبراء شرعيين وفنيين، وأن توضع على اللحوم المقبولة من الإدارة علامة تجارية مسجلة عالمية في سجل العلامات التجارية المحمية قانونيًا.

(ه) العمل على حصر عملية المراقبة بالجهة المشار إليها في البند (د) من هذه الفقرة والسعي إلى اعتراف جميع الدول الإسلامية بحصر المراقبة فيها.

(و) إلى أن تتحقق التوصية المبينة في البند (د) من هذه الفقرة يُطلب من مصدري اللحوم ومستورديها ضمان الالتزام بشروط التذكية الشرعية فيما يصدر إلى البلاد الإسلامية حتى لا يوقعوا المسلمين في الحرام بالتساهل في استيراد اللحوم دون التثبت من شرعية تذكيتها.

والله الموفق؛؛


[1] مجلة المجمع (العدد العاشر ج1 ص53).

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى