في اجتماع مغلق تم عقده في مقر مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، اتفقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاّجئين مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي على تأسيس آليّة مشتركة يتم التحقّق عبرها من التزام صندوق الزكاة للاجئين التابع للمفوضية بأحكام وضوابط الزكاة بشكل سنوي.
شارك في الاجتماع عدد من المجامع الفقهية التي وافقت على هذا التوجّه الذي يعزّز من حَوكَمة صندوق الزكاة للاجئين، وبالتالي من أثره في حياة اللاجئين والنازحين داخليًّا الأكثر عوَزًا حول العالم. بالإضافة إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي، حضر الأُمناء العامُّون لكل من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ومؤسسة طابة للعلوم والأبحاث، حيث صادقت جميعها على الدور التنسيقي لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في هذا المجال، والذي سيقوم بدوره باستشارتهم واستشارة جهات أخرى في سياق آلية الالتزام، والتي سينتج عنها صدور تقرير مراجعةٍ سنويّ عن مدى التزام صندوق الزكاة للاّجئين بأحكام الزكاة، ويتضمن توصيات لتحسين وتطوير طُرق الالتزام.
وقد جاء هذا الاجتماع على هامش فعالية مشتركة عقدتها مفوضية اللاجئين بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وذلك بحضور لفيف من الممثلين رفيعي المستوى عن المؤسسات الحكومية والخاصة والخيرية من كافة أنحاء المنطقة، لا سيّما من دول مجلس التعاون الخليجي. وقد تم خلال هذه الفعالية إطلاق التقرير السنوي للعمل الخيري الإسلامي الذي تصدره المفوضية كل عام لتبيان أثر أموال الزكاة والصدقة التي يتلقّاها الصندوق من المتبرّعين والجهات المانحة، بالإضافة إلى كيفية صرف وتوزيع الأموال في البلدان التي يتم التوزيع فيها.
ويُبرز التقرير الذي أُطلق مؤخرًا كيف تمكّنت المفوضية بفضل أموال الزكاة والصدقات من تقديم المساعدات النقدية والعينية لـ 1,275,000 لاجئ ونازح خلال عام 2021م في 14 دولة هي: اليمن وسوريا والأردن ولبنان والعراق ومصر وموريتانيا وبنغلاديش وأفغانستان وباكستان والهند وماليزيا وإندونيسيا ونيجيريا. ويوضّح كذلك أنه تم توزيع كامل تبرعات الزكاة، باتّباع سياسة توزيع 100% من أموال الزكاة دون أي اقتطاع لتكاليف إدارية أو تشغيلية.
وفي هذا السياق قال معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي: “تشكّل قضية اللاجئين جانبًا أساسيًّا من الاهتمامات الإنسانية للمجمع ودَوره في تيسير الحلول لسدّ احتياجاتهم، وبناءً على ذلك قُمنا في نهاية العام 2020م بمنح المفوّضية فتوى لدعم صندوق الزكاة للاجئين” ، وأضاف: “يسعدنا أن نشهد تطوّر شراكتنا مع المفوضية، ويتطور معها دورنا في تعزيز آلية الحوكمة لصندوق الزكاة للاّجئين، حيث نأمل أن تزيد هذه من مصداقية الصندوق، وبالتالي أثره على اللاجئين والنازحين داخليًّا ومن خلال هذا المنبر ندعو -ونحن في رحاب الشهر الفضيل- جميع الفاعلين في مجال العمل الخيري إلى التعاون مع المفوضية لمساعدة اللاجئين وتأمين احتياجاتهم”.
كما عقّب فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيّاد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: “تأتي مشاركتنا في هذه الجلسة لتؤكد على الدور المفْصلي الذي يقوم به مجمع البحوث الإسلامية في تسليط الضوء على احتياجات اللاجئين وأوضاعهم، وتوضيح الدلائل الفقهية التي تساهم في انخراطهم مع المجتمعات المُضيفة بشكلٍ سلِس، وتيسّر حصولهم على الدعم الذي هم بأمَسّ الحاجة إليه”. وأضاف: “سبق وأن تم التعاون مع مفوضية اللاجئين سواء من خلال إطلاق حملة مشتركة أو من خلال إصدار فتوى تتعلق بالزكاة، ونتمنى أن تُسهم هذه الجلسة في تعميق سبل التعاون وتعظيم أثر صندوق الزكاة للاّجئين الذي أفتى مجمع البحوث في العام الفائت بجواز استلامه وتوزيعه لأموال الزكاة على مستحقيها من اللاجئين ضمن ضوابط وشروط معيّنة”.
وأردف الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن زابن المرزوقي: “إن ما سمعناه من مفوضية اللاجئين حول الإجراءات التي تتخذها لتوزيع الزكاة لمستحقيها كعدم اقتطاع أي مصاريف إدارية بحيث يتم إيصالها كاملة، وسرعة التوزيع، ونحو ذلك، يشجّع بالقول في جواز استلام المفوضية لأموال الزكاة وصرفها على مستحقيها كما نص القرآن الكريم”. وأضاف: “لا شك أن هذا العمل الذي تقوم به المفوضية وغيرها من الجهات المعتمَدة يصُبّ في الأهداف السامية لأحكام الشريعة الإسلامية في مساعدة المحتاجين والمُعوِزِين، لا سيّما في بلدان العالم الإسلامي”.
وأعرب مستشار المفوَّض السامي للتمويل الإسلامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، السيد خالد خليفة، عن امتنانه للدعم الذي تقدِّمه هذه الجهات مجتمعةً، قائلاً: “نرحب اليوم بهذا التطور الذي تشهده علاقتنا مع المجامع، لا سيما مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي سيقوم مشكورًا بدور محوري في التحقق من التزام صندوق الزكاة للاجئين بأحكام وضوابط الزكاة، الأمر الذي نحرص عليه حرصًا تامًّا، ويأتي في سياق تعهّدنا في الالتزام بما تُمليه علينا كافة الفتاوى التي استلمناها، بما فيها تلك التي حصلنا عليها من مجمع الفقه الإسلامي الدولي”. وأضاف: “نؤمن بشدّة بالدور الذي تلعبه شراكاتنا مع كافة المؤسسات الرائدة في مجال العمل الإنساني في تعزيز أثر أدوات العمل الخيري الإسلامي في حياة الملايين من الأسر النازحة قَسْرًا، ونتطلّع إلى دور هذه الخطوة في تعزيز مصداقية صندوق الزكاة للاجئين ورغبة الشركاء الفاعلين في توسيع رقْعة العمل مع المفوضية لمساعدة أكبر عدد ممكن من المستفيدين”.
وقد أصدرت مفوضية اللاجئين تقريرها السنوي للعمل الخيري الإسلامي لهذا العام قبل بدء شهر رمضان عبر سلسلة من الفعاليات حضوريًّا وافتراضيًّا في كل من: إندونيسيا والمملكة العربية السعودية ونيجيريا والمملكة المتحدة وكندا، وذلك بالتعاون مع مؤسسات فقهية وزَكَوِيّة، بالإضافة إلى جهات من القطاعين العامّ والخاصّ.
وقد أنشأت المفوضية صندوق الزكاة للاجئين عام 2019م، وهو برنامج تمويل إسلامي عالمي يتمتع بالمصداقية والكفاءة والالتزام بأحكام الزكاة، ويخضع إلى معايير حَوكمةٍ صارمة تضمَن الشفافية المطلقة بدءًا من تسلّم المفوضية لأموال الزكاة والصدقات، وانتهاءً بتوزيعها على اللاجئين والنازحين داخليًّا الأكثر عَوَزًا حول العالم.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار