معالي الأمين العام يشارك في المؤتمر الدولي عن الوحدة الإسلامية بأبو ظبي

بدعوة كريمة من لدُن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة، شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، في أعمال المؤتمر الدولي الذي نظمه المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة عن الوحدة الإسلامية: المفهوم والتحديات والفُرص، يومي الأحد والاثنين7-8 من شهر شوال لعام 1443هـ الموافق 9-10 من شهر مايو لعام 2022م بمدينة أبو ظبي بدولة الإمارات العربيَّة المتحدة.

هذا، وقد ألقى معاليه كلمةً رئيسة في افتتاح جلسات اليوم الثاني من المؤتمر بحضور جمع كبير من المشاركين والمشاركات في المؤتمر، وتقدّم معاليه بالشكر والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومةً وشعبًا على الجهود الجبّارة التي ما فَتئت تبذلها في سبيل لَمِّ شمل الأمّة، وتعزيز التعاون والتواصل بين الشعوب الإسلامية. كما هنَّأ القائمين على المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، رئاسةً وأمانة عامة، على تنظيم هذا المؤتمر الآنِيّ المهم في هذه المرحلة العصيبة من الظروف المُقلِقة التي يمرّ بها العالم عامةً، والأمّة الإسلامية خاصّة. وأشاد معاليه بشكل خاصّ بحُسن اختيار عنوان ومحاور المؤتمر، وذلك “أملاً في أن يتوصّل المشاركون والمشاركات في المؤتمر إلى صياغة مفهوم صحيح منضبط واضح لمصطلح الوحدة، تصحيحًا لجملة من المفاهيم المغلوطة المُغرِضة التي نُسِجَت على حين غِرّة حول هذا المصطلح الذي نحسبه قديمًا وجديدًا في آنٍ واحد، فهو قديم بالنظر إلى مرور عقود من الزمن على ظهوره، وجديد بالنظر إلى المفهوم الجديد الذي سيتبنّاه هذا المؤتمر، وسعيًا في الوقت نفسه إلى تسليط الضوء على أهم التحديات الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسياسية التي تواجه الأمّة على كافة الأصعدة، ورغبة في نهاية المطاف إلى الاستفادة القصوى من الفرص المادية والمعنوية المتاحة أمام الشعوب الإسلامية نتيجة وسائل التواصل المتنوعة ووسائط التكامل الممكنة لتحقيق الوحدة المنشودة”.

وأشار معاليه إلى أنّ مصطلح الوحدة الإسلامية يعدّ من المصطلحات المستحدَثة في المِلّة التي يتم توظيفها اليوم توظيفًا سيئًا لتحقيق أغراض مشبوهة تتعارض مع مبادئ الإسلام الخالدة، كما يتم استِجْرارها وإقحامها في مجالات يتعذّر تحقّقها فيها لتعقّد تلك المجالات وتشابك مقاصدها، واتّسامِها بالتغيّر والتبدّل والتحوّل. ثم أكد معاليه بأن “نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تجاوزت الحديث عن الوحدة الإسلامية بالمفهوم التقليدي إلى الحديث عن وحدة الأمّةِ، والأمّةُ -كما هو معلوم- أوسع وأشمل من الشعوب والقبائل، إذ إنها تضمّ بين جنباتها أفرادًا وجماعات غير مسلمة، كما أن تلك النصوص الشرعية قرّرت أن وجود الشعوب والقبائل والعشائر سنةٌ كونية، وإرادة أزليّة لا يمكن تجاوزها أو تغافلها بدليل قوله تعالى: 《يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا》. فهذه الآية الكريمة تدل بطريق الإشارة على وجود شعوب متعددة وقبائل متنوعة، ومن مجموع الشعوب تتكون ما بات يُعرف اليوم بالدولة الوطنية أو الدولة القُطرية، وهي عبارة عن الدول التي تتكون من أفراد وجماعات تجمعها تقاليد وعادات وأعراف في قُطر من الأقطار يحكمهم نظام يتوافقون عليه”.

وبناءً على هذا، فليس المراد من مصطلح الوحدة توحيد الشعوب في شعب واحد، أو دمج القبائل في قبيلة واحدة، وليس المراد بها نقلاً وعقلاً القضاء على تقاليد وأعراف وعادات الشعوب والقبائل والعشائر، بل إن المراد بمصطلح الوحدة في مفهومه الصحيح “وحدة الشعور، ووحدة المشاعر، ووحدة الشعائر لدى الشعوب الإسلامية، وتعد هذه الوحدة وحدة في التنوّع، وتنوّعًا في الوحدة؛ ومُرادنا بالوحدة في التنوّع: تلك الوحدة التي تؤمن وتقبَل بتعدّد الشعوب وتنوّع القبائل، وتتصرّف إلى تعزيز الوحدة على مستوى الشعور والمشاعر والشعائر، وأما التنوّع في الوحدة، فإننا نَرُوم منه تعدّد وتنوّع مجالات الوحدة الممكنة بين الشعوب والقبائل، وذلك على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والثقافي؛ وبناءً على هذا، فإن الحاجة تمَسُّ اليوم إلى تجاوز ذلك المفهوم المتكلِّف الذي حاصر -ولا يزال يحاصر- مفهوم الوحدة في توحيد الشعوب الإسلامية في دولة واحدة مزعومة وموهومة، إنها دولة الخلافة الكبرى التي لم تتحقق قَطّ عبر التاريخ. مع العلم بأن الوحدة الإسلامية الصحيحة ليست مقصودة في حد ذاتها، بل المقصود هو تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون والتكامل والتساند والتآزر بين الشعوب الإسلامية، ولا يتعارض ذلك بأي حال من الأحوال من تعدّد الدول بتعدّد الشعوب والقبائل التي يعدّ وجودها مندرجًا ضمن السُّنة الكونية الخالدة التي سبقت الإشارة إليها”.

ثم أوضح معاليه بأن “للوحدة الإسلامية المُتَشَوَّفِ إليها مرتكَزات خمسة نصّ عليها الحديث النبوي الشريف الذي ورد فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: “لا تَحاسَدوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا، ولا يَبِعْ بعضُكم على بَيْعِ أخيه، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، وبحَسْب امرِئٍ من الإثم أن يحقِر أخاه المسلم، المسلم أخو المسلم لا يَظْلِمُه ولا يخذُله ولا يحقِرُه، أو كما قال”. وختم معاليه كلمته بالقول: “إنّ للوحدة الإسلامية المرجُوّة تجلّيات ثلاثة وردت الإشارة إليها في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “مَثَلُ المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحُمّى والسهر”. فالتَّوَادّ والتراحُم والتعاطف أهم التجلّيات للوحدة الإسلامية الحقّة. فالأمّة الإسلامية مُطالَبة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز هذه التجلّيات على مستوى الشعور، والمشاعر والشعائر، لتتحقق له الوحدة التي دعا إليه الكتاب العظيم والسنة النبوية الطاهرة”.

هذا، وقد شهد المؤتمر مشاركة عددٍ غَفيرٍ يفوق 400 مشارك ومشاركة من أكثر من 100 دولة، كما شارك فيه العديد من الشخصيات الإسلامية البارزة، منهم معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، المستشار بالديوان الملكي السعودي، وإمام وخطيب المسجد الحرام، ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ومعالي السيد حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ومعالي الشيخ عبد الله بن بيّه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ومعالي الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، ومعالي الأستاذ الدكتور علي أرباش، رئيس مديرية الشؤون الدينية في تركيا، ومعالي داتو إدريس أحمد، وزير الشؤون الدينية في دائرة رئيس الوزراء الماليزي ، ووزير الأوقاف السوري معالي الدكتور محمد عبد الستار السيد، ومعالي الدكتور نور الحق قادري، الوزير الاتحادي الباكستاني للشؤون الدينية والوئام بين الأديان سابقًا، وغيرهم كثير.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى