شارك معالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، في أعمال المؤتمر الدولي الافتراضي حول “شخصية ومساهمة محمد أسد كصحفي دولي، ومنظر سياسي، ومفسر، وعالم ديني في القرن العشرين” الذي نظّمه معهد الدراسات الموضوعية، نيودلهي، الهند، بالاشتراك والتعاون مع المعهد الدولي للفكر الإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية أيام 27-28 من شوّال لعام 1443هـ الموافق 28-29 من مايو لعام 2022م.
وقد اشتمل المؤتمر على خمس جلسات فنّية، إلى جانب الجلسات الافتتاحية والختامية، حضرها عدد كبير من علماء وطلاب الدراسات الإسلامية على مستوى العالم. شارك في المؤتمر 45 باحثًا وباحثة بأوراق بحثية محليّة ودوليّة، وقدّموا أوراقهم التي تناولت جميع جوانب حياة محمد أسد تقريبًا ومساهماته في الفكر الإسلامي. وتجدر الإشارة إلى أن المداولات خلال جلسات المؤتمر دارت حول شخصية محمد أسد وتوجّهه وفكره، وزمنه وظهوره كلُغوي ومنظّر وصحفي، وفهْمه للأديان ومساهمته في الأدب الإسلامي ودخوله في الإسلام، وردود أفعاله حول الأفكار السياسية الغربية ومواجهاتها من الشرق، ومنظوره حول إعادة البناء السياسي في القرن العشرين.
وفي مداخلة له في الجلسة الفنية الختامية للمؤتمر خلال اليوم الثاني تحدث معاليه عن ” أفكار محمد أسد وأهميتها المعاصرة” مشيرًا إلى أن الأستاذ محمد أسد كان بالفعل عالمًا ومفكرًا عظيمًا ساهم بشكل كبير في الفكر الإسلامي والعلاقات بين المسلمين والغرب في كثير من النواحي، حيث كتب مجلدات عديدة عن جوانب مختلفة من الإسلام، وأثرت أعماله المتنوعة بشكل كبير في الفكر الإسلامي داخل البلدان الإسلامية والمجتمعات المسلمة في الغرب عمومًا، وفي أوروبا بشكل خاص.
وأضاف معاليه قائلا: ” إنّ أحد أهمّ أعمال محمد أسد هي ترجمته للقرآن إلى اللغة الإنجليزية، حيث استخدم أدوات جديدة للتأويل ولا سيّما خلفيّته الاجتماعية والثقافية والفكرية من خلال التحليل النصّي، وكانت “رسالة القرآن” هي أعظم مؤلفاته، حيث قام بتجميع خبراته الحياتية والمعرفة التي اكتسبها وتراكمها على مَرّ السنين من دراسته للمصادر الإسلامية الأولية والثانوية، وعمَد إلى ترجمة تلك الرسالة إلى اللغة الإنجليزية، ويعدّ إلى يومنا هذا العالم المسلم الأوروبي الوحيد الذي ترجم القرآن وشرَحه، حتى يتسنى لغير الناطقين باللغة العربية فهْمه وإدراك معانيه، و لقد ترجم القرآن ليَجلِب عُمقه وحكمته لقلوب وعقول الناس البعيدين عن الأفكار المسبَقة التي عمّت الغرب منذ زمن الحملة الصليبية إلى فترة الاستعمار”. ثم أشار معاليه إلى من بين القضايا الحاسمة التي تناولها محمد أسد في أعماله المساعدة في إعادة المسلمين إلى المصدرَين الأساسيَّين اللذَين كانا أساس نهضتهم الروحية والحضارية المتجسّدة في القرآن والسنة. فقد انتقد أسد تقليد التجارب المريرة وغير الناجحة للمسلمين في العصور الوسطى من ناحية، وتقليد الغرب في مفاهيمه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من ناحية أخرى. ويعتقد محمد أسد أن الرد الأصيل يكْمُن في العودة إلى تعاليم القرآن وأحاديث الرسول.
وفي الختام أوضح معاليه أنّ محمد أسد قام بدراسة نقْدية لأسباب انحدار المسلمين والقوى والمشكلات التي تلاحقهم وتَعُوقُ نهضتهم. وبدافعٍ من حماسة المُصلح، حاول محمد أسد سَدَّ الفجوة بين التقليد والحداثة لأهميته اليوم بشكل خاص لجهود الاجتهاد التي تقوم بها مؤسسات مثل مجمع الفقه الإسلامي الدولي من أجل تقديم الإسلام بمنْأى عن الصور النمَطية المعادية له، والتي تميل إلى تشويه الإسلام وصورته الناصعة. كما يمكننا الاستفادة بشكل كبير من أعمال أسد في تطوير علاقات المنفعة المتبادلة مع الغرب على أساس الاحترام، وبالتالي يجب أن نركز اجتهادنا على تقديم الإسلام على أساس الوسطية والاندماج والحوار والتعايش السلمي بين الأديان والأعراق. هذه القيَم أساسية للإسلام، وهي أساسية بنفس القدر في رؤية وقيَم المجمع، وبهذه الطريقة سنتمكن من هزيمة الإيديولوجيات المتطرفة والتعصب والعنف والإسلاموفوبيا.
هذا، وقد ترأس الجلسة الختامية للمؤتمر رئيس معهد الدراسات الموضوعية الدكتور محمد منصور علم، الذي وصف الراحل محمد أسد بأنه مجدّدٌ استخدم أدوات جديدة للاجتهاد لتطوير كلية العقل والفكر، وألقى كلمة الختام البروفيسور محمد أفضل واني، نائب رئيس معهد الدراسات الموضوعية، واختتم المؤتمر في نهاية اليوم الثاني باعتماد 6 قرارات أساسية حول فكر وحياة ومساهمات العلامة محمد أسد رحمه الله.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار