على هامش مشاركته في الدروس الحسنية ألقى معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، يوم الثلاثاء 20 من شهر رمضان الفضيل لعام 1444هـ الموافق 11 من شهر أبريل لعام 2023م، محاضرة علمية بمعهد الأئمة والمرشدين والمرشدات بالعاصمة المغربية الرباط.
استهل محاضرته بتقديم نبذة تعريفيَّة لمصطلح الاجتهاد في الدرس الأصوليِّ، ومبيِّنًا مشروعيَّته المستمدَّة من القرآن الكريم، والسّنة النبويَّة الشريفة، ومبرزا أهميته وضرورته في كل عصر ومصر، وذلك من أجل التأكيد على صلاحية الإسلام لكل زمان، ومكان، مؤكدا على أن إبراز مرونة الشريعة وخلودها يتوقف على الاجتهاد، مما يتعذر معه القول بإغلاق باب الاجتهاد، وأن القول بإغلاق بابه يعد في حد ذاته اجتهادا. كما تحدث بشيء من التفصيل عن تقسيمات الاجتهاد، وأنواع المجتهدين، مشيرا إلى أهم تقسيم للمجتهدين، وهو التقسيم الذي يقسمهم إلى مجتهد مستقل، ومجتهد مطلق، ومجتهد مقيد؛ وأما المجتهد المستقل، فعرَّفه بأنه هو العالم الذي توافرت فيه شروط الاجتهاد المعروفة وانفرد بوضع مناهج استنباط واستدلال لم يسبقه إليها أحد، ويعد أئمة المذاهب الإسلامية المعتبرة مجتهدين مستقلين، وهم الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (الزيدية)، والإمام جعفر بن محمد الصادق (الجعفرية)، والإمام عبد الله بن إباض التميمي (الإباضية)، والإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت (الحنفية)، والإمام مالك بن أنس (المالكية)، والإمام محمد بن إدريس الشافعي (الشافعية)، والإمام أحمد بن محمد ابن حنبل (الحنابلة)، والإمام داود بن علي الأصفهاني (الظاهرية)، والإمام الطبري، والإمام الأوزاعي، والإمام الثوري، وغيرهم. وأما المجتهد المطلق، فهو العالم الذي توافرت فيه شروط الاجتهاد المعروفة ولكنه لم يستقل بوضع مناهج استنباط واستدلال خاصة به، وإنما اختار اعتماد أحد مناهج الاستنباط والاستدلال للأئمة السابقين عليهم، وينطبق هذا على عدد من العلماء المعروفين كصاحبي أبي حنيفة، أبو يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني، وابن رشد، وابن قدامة، وابن حزم، وغيرهم. ويتميز هؤلاء أن لهم في بعض الاجتهادات المخالفة لاجتهادات أئمة المذاهب التي يتبعونها. وأما المجتهد المقيد، فهو العالم الذي توافرت فيه شروط الاجتهاد غير أنه لم ينفرد بوضع مناهج استنباط واستدلال خاصة به، ولا يخالف في اجتهاداته اجتهادات إمام المذهب الذي يتبعه، ويصدق هذا على عدد من العلماء كعلاء الدين الكاساني أو الكاشاني الحنفي، وأبي عبد الله عبد الرحمن بن القاسم المالكي، وعبد الكريم بن أبي الفضل محمد بن عبد الكريم الرافعي الشافعي، وعلي بن سليمان المرداوي الحنبلي، وغيرهم. ثم أوضح معاليه أن بلوغ درجات الاجتهاد المشار إليها ليس بأمر مستحيل خاصة الاجتهاد المطلق والمقيد، وبيَّن أهمية الاجتهاد المطلق وضرورته في كل عصر.
وختم محاضرته بدعوة طلبة العلم إلى التفرغ التام لطلب العلم، والإخلاص في الطلب، والمواظبة على القراءة، والمثابرة، والحرص، وذكرهم بقول الشافعي في قصيدته الشهيرة:
أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ * سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ * وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ
اقرأ ايضا
آخر الأخبار