بدعوة كريمة من الأمانة العامَّة لهيئة المحاسبة والمراجعة للمصارف الإسلامية (أيوفي) بمملكة البحرين شارك معالي الأستاذ الدكتور قطبمصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، يوم الاثنين 18 من شهر شوال لعام 1444هـ الموافق 8 من شهر مايو لعام 2023م في جلسة حواريةبعنوان الأصول الرقميَّة والمصرفيَّة الإسلاميَّة، وذلك ضمن جلسات مؤتمر أيوفي الحادي والعشرين للهيئات الشرعية الذي انعقد مؤخرابالمنامة بمملكة البحرين.
هذا، وقد استهل معاليه مداخلته بتحديد المراد بمصطلح الأصول الرقمية عند إطلاقها، فقال إنها عبارة عن أي شيء يمكن تخزينه ونقلهإلكترونيا من خلال جهاز كمبيوتر أو أي جهاز رقمي آخر، ويرتبط بحقوق الملكية أو الاستخدام، وبتعبير آخر يراد بها الأعيان والمنافعوالحقوق المملوكة المخزونة في شكل رقمي، وينطبق هذا التصور على اللوحات الفنية، والمستندات، والصور الفوتوغرافية، كما ينطبق أيضاعلى ما يعرف اليوم بالعملات الرقمية بأنواعها المختلفة والمتعددة. وأوضح معاليه قائلا: “إن بيان حكم الشرع في هذه الأصول وسواها منالمعاملات المستحدثة في الملة حلًّا أو تحريما ينبغي أن يرتكز على النصوص العامة للشريعة، والقواعد الكلية، والمقاصد الشرعية، كما ينبغيالابتعاد عن الخوف، أو التوجس منها، خاصة أنه من المقرر عند أهل العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن الأصل في المعاملات خاصةالإباحة، والنصوص الشرعية الواردة في باب المعاملات نصوص مرنة تسع للاجتهاد والتجديد في كل عصر ومصر..“ ثم أشار معاليه إلى“أن المراد بالمال في الفقه الإسلامي اسم لكل ما يباح الانتفاع به شرعا وحقيقة وعرفا، مما يعني أن مصطلح المال يطلق على الأعيان، وعلىالمنافع، وعلى الحقوق، وينطبق على الأصول الرقمية هذا المفهوم إذ إنها لا تخلو أن تكون ممثلة لأعيان، أو منافع، أو حقوق. مما يعني أنالرقمنة تعد اليوم من نعم الله تعالى علينا في هذا العصر، ذلك لأنها باتت اليوم وسيلة من أهم الوسائل الناجعة التي نلجأ إليها لحفظ الأموالوالممتلكات، ولا يمكن لأحد الاعتداء عليها أو التسلط عليها دون إذن منا، وكنا إلى عهد قريب نحمل معنا أموالنا ونقودنا المعدنية ثم الورقية،وأصبحنا اليوم، ولله الحمد، لا نحتاج إلى حمل تلك الأموال التي أصبحت مخزونة في رموز وأشكال في أجهزة كمبيوتر، وفي ساعات يد. ولهذا، فإنه حري بنا أن ننتقل من الحديث عن مشروعية هذه الوسائل الحديثة إلى الحديث عن كيفية الاستفادة منها، وكيفية جعلها محققةللمقاصد الشرعيَّة في مجال المعاملات، وذلك بإخضاعها للقواعد والضوابط الشرعية.“. ثم تحدث معاليه عن أنواع الأصول الرقميَّة، موضحاأنها تنقسم إلى نوعين، وهما: “ أصول رقمية ممثلة لموجودات حقيقية تتحول إلى رموز وأشكال رقمية، كالشعارات، واللوحات، وغيرها منالأصول التي تعد في حقيقتها حقوقا مملوكة لأصحابها، والحقوق نوع من أنواع الأموال، وتنطبق عليها سائر الأحكام المتعلقة بالمال فيالفقه الإسلامي، وأما النوع الثاني، من الأصول الرقميَّة، فهو العملات الرقمية خاصة المشفرة التي هي محل السجال المستمر والنقاشالمعاصر حول حكمها من حيث الحل أو التحريم..“ وبيَّن معاليه أن العملات الرقميَّة المشفرة أنواع ثلاثة، وهي: “أولًا العملات الرقمية المشفرةالمضمونة بعملات ورقية محلية كالدولار واليورو والدينار والريال، ولا خلاف في أن حكمها حكم العملات التي تمثلها، وثانيا العملات الرقميةالمشفرة المدعومة بمنتجات أو معادن نفيسة، ولا خلاف أيضا في حكم هذا كالنوع الأول؛ وأما النوع الثالث، فيراد به العملات الرقمية المشفرةاللامركزية التي لا تخضع لولاية سلطان، أو دولة، وأصبحت اليوم وسيلة جديدة لتبادل المنافع، ووسيطا للتعامل..“، وأوضح معاليه بأن بيانحكم الشرع في هذا النوع يتطلب ضرورة التفريق بين العملات ومجالات استخدامها، وتوظيفها، وتداولها، وأن كونها لا تخضع لحكمسلطاني لا يعني عدم خضوعها لإرادة سلطانية ذلك لأن للسلطان الحق في وضع الشروط والضوابط لاستخدامها أو تداولها داخل حددوددبلاده، ويجب على كل فرد الالتزام بما يضعه من قواعد، وضوابط، وشروط.”
هذا، وقد لقيت الجلسة الحوارية بتفاعل الحاضرين، وتجاوبهم. وشارك في الجلسة فضيلة الشيخ الدكتور كهلان الخروصي مساعد المفتيالعام بسلطنة عمان، وفضيلة الدكتور يوسف سلطان، المدير التنفيذي لشركة أدلي، وأدار الحوار سعادة الأستاذ شاهر عباس، مؤسس شركةIFN.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار