في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، لكلية آل مكتوم للتعليم العالي بمدينة دندي باسكتلندا ألقى معاليه يوم الجمعة 27 من شهر ذي القعدة لعام 1444هـ الموافق 16 من شهر يونيو لعام 2023م خطبة الجمعة بمسجد الكلية. وكان عنوان خطبته الاستقامة وأثرها على السلوك.
هذا، وقد مهد معاليه لخطبته بما يعرف بالبيان باللغة الإنجليزية، وهو محاضرة تسبق خطبة الجمعة، وخصصها بحديث مؤصل عن المواطنة مفهوما، وواقعا، وأهمية، حيث أكد أن الانتماء إلى الأوطان والولاء للأوطان أصل من الأصول الشرعية المقررة، بل يعد واجبا من الواجبات التي أوجبها الله على كل فرد، فكما يجب علينا الولاء لديننا ولأهلينا، فكذلك يجب علينا الولاء لأوطاننا وولاة أمرنا، موضحا بأنه لا تفاضل بين الأوطان، وأن وجود الأوطان سنة إلهية أرادها يوم أن خلق الناس من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا، فوجود الشعوب والقبائل تقرير واضح وأكيد لوجود الأوطان والبلدان، ولذلك، فإنه ينبغي للمسلم الاعتزاز بوطنه، ومحبة وطنه بالدفاع عنه، وحمايته، والنهوض به، والابتعاد عن كل ما يسيء إليه من أعمال تخريبية، وتصرفات شائنة، ومخالفات صارخة للقوانين والتشريعات. وأشار إلى أن محبة الأوطان تترجم من خلال احترام دستورها، وقوانينها، وتشريعاتها، وولاة أمرها، والساهرين على أمنها، وتوفير الحياة الكريمة والعيش اللائق للإنسان. وختم بيانه بدعوة المسلمين البريطانيين إلى محبة مملكتهم، والشكر لها ولولاة أمرهم على ما وفرته لهم من أمن وامان، واستقرار، وعيش كريم، كما أن عليهم الاعتزاز بالانتماء إليها، والدفاع عنها، والارتقاء بها. ودعا المسلمين المقيمين في هذه المملكة الطيبة إلى احترام قوانينها، وتشريعاتها، والابتعاد عن جميع أشكال العنف والعدوان حفاظا على سمعة الإسلام ومكانة الإسلام.. فالمسلم الحق هو من يلتزم بتعاليم دينه التي فرضت عليه طاعة ربه، وطاعة رسوله، وطاعة أولياء الأمور.
وبالنسبة لخطبة الجمعة، فقد خصصها معاليه للحديث عن الاستقامة وأهميتها للإنسان المسلم في هذا العصر، وأوضح أن الرسول الأعظم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أجمل أحكام الإسلام في أمرين لا ثالث، وهما الإيمان بالله، والاستقامة كما ورد ذلك في حديث الصحابي الجليل سفيان بن عبد الله الثقفي، رضي الله عنه، قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، وفي حَديثِ أبِي أُسامَةَ غَيْرَكَ، قالَ: قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ.
إن مقتضى الإيمان بالله الإيمان بملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وأما مقتضى الاستقامة فهو الالتزام بجميع ما أمر به الله ورسوله من صلوات، وزكوات، وصيام، وحج، وبر بالوالدين، وإكرام الضيف، والإحسان إلى الجار، وإغاثة الملهوف، وإتقان العمل، والإبداع، والابتكار، وغير ذلك من أشكال العمل الصالح، كما تقتضي الاستقامة الابتعاد عن كل ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلَّم من شرك، وكذب، وغش، وكبر، وظلم، وعدوان، وعقوق، وكسل، وسرقة، وربا، وزنى، وغيره من المنهيات.. وأوضح معاليه أن الاستقامة في القول والعمل مفتاح الجنة، وسبب من أسباب الطمأنينة والاستقرار، بل إنها البشارة التي يشعر بها الإنسان عندما يكون في حالة الاحتضار مصداقا لقوله تعالى (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ)) فصلت: 30-31
وختم خطبته بالتأكيد على الإشارة إلى إحدى أهم ثمرات الاستقامة المتمثلة في أنها تورث صاحبها سرورا وراحة فيما يخص ورثته من أزواج وأولاد وأحبة عند فراقه الدنيا ذلك لأن الله وعد بكفالتهم ورعايتهم وحمايتهم.
هذا، وقد لقيت الخطبة استحسانا، وقبولا لدى المصلين.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار