الحمد لله حمد الموقنين به، الشاعرين بعظيم نعمه وفضله، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين، وعلى من سار على دربه والتزم بشرعه إلى يوم الدين، وبعد
فإن أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بعد أن اطلعت على البيان الصادر عن المؤتمر الذي انعقد بمدينة غروزني، عاصمة جمهورية الشيشان، من: 25-27 أغسطس 2016م، بعنوان: (من هم أهل السنة)، وما ثار حوله من نقاشات ومخالفات، تؤكد على أن الوحدة بين المسلمين من أهم الواجبات المأمور بها شرعا، وأنها وصف لازم للأمة المسلمة، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)، وقد أكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “المسلمون تتكافؤ دماؤهم وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم”، وتطبيقا لهذا فإن أمانة المجمع، تناشد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، العمل على جمع الكلمة ووحدة الصف، وتجنب كل ما يؤدي إلى تفريق الأمة قولا وعملا، مما يسهم في إضعافها وتشظيها، ويؤدي إلى تفريقها والتنازع فيما بينها قال تعالى: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
وترى أمانة المجمع أيضا أن أهل السنة والجماعة، هم كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويحترم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوقر آل بيته عليهم الصلاة والسلام ويحبهم.
وإن المجمع يؤكد على أن أهل السنة والجماعة هم كل من يؤمن بأركان الإيمان ويوقن بأركان الإسلام، ولم ينكر معلوما من الدين بالضرورة، ومن ذلك استحلاله أمرا حرمته الشريعة تحريما قاطعا، كقتل النفس، ويتضح ذلك جليا في قرار المجمع في دورته السابعة عشرة التي انعقدت بعمان المملكة الأردنية الهاشمية، في: 28 جمادى الأولى- 2 جمادى الآخرة 1427هـ، الموافق: 24-28 حزيران (يونيو) 2006م والذي تبناه وشدد عليه مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي الثالث، الذي عقد في مكة المكرمة في: 5-6 ذو القعدة 1426هـ، الموافق: 7-8 ديسمبر 2005م، ونص عليه البرنامج العشري لمنظمة التعاون الإسلامي.
ومجمع الفقه الإسلامي الدولي يحرص على محاربة التطرف والإرهاب، وله في ذلك نشاط واسع، ويهتم ببيان منهج الإسلام في الوسطية والاعتدال.
كما يعمل المجمع على إعداد العلماء والدعاة، الذين يعرفون حقيقة الإسلام، ويدركون الواقع ويفهمون التحديات، ويفقهون وسائل الخطاب، ويستعملونها بدراية وفقه، ويعملون على إدراك علوم الشريعة المتعددة: علوم العقيدة، وعلوم القرآن والتفسير، وعلوم الحديث الشريف، وعلوم الفقه وأصوله، والسيرة النبوية، وعلوم الأخلاق، إدراكا سويا وفهما عميقا.
وهو يدعو إلى لقاء المؤسسات العلمية على مستوى الأمة، من مجامع ومجالس فتوى، وجامعات، في مشروعات علمية رائدة، وهو مع تنوع مؤسسات التعليم وتيسير سبله، ورفض كل أنواع الانحراف في التعليم الشرعي، والعمل على تحريم كل شطط أو انحراف، ويسعى لكشف كل أنواع الألاعيب والفساد، كما يدعو المجمع إلى الحوار والتعاون، ويشجع العلم الشرعي الوسطي الذي يفهم الإسلام كما أنزله الله تعالى، وإلى التوسع في مجالات التربية الإسلامية في المدارس والجامعات وفي مختلف مؤسسات التوجيه والإعلام، لتكوين مختصين يدركون التحديات ويصونون المسيرة ويحافظون عليها بفاعلية ونشاط.
هذا وإن أمانة المجمع لايسعها إلا أن تدعو الله تعالى، أن يجنب المسلمين كل الشرور، وأن يقيهم كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجمع كلمتهم وأن يوحد صفوفهم، ويدفعهم لخدمة وحدتهم وحماية مسيرتهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار