تلبية لدعوة كريمة من لدن الأكاديمية الكندية لفنون الدعوة بكندا ألقى معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، مساء يوم السبت 11 من شهر المحرم لعام 1445هـ الموافق 29 من شهر يوليو لعام 2023 م عبر الفضاء الإلكتروني، محاضرة بعنوان فقه الأمة وأثره في العمل الإسلامي من خلال برنامج الأكاديمية الشهير المعروف بمنتدى الحوار المفتوح.
في مستهل محاضرته أوضح معاليه أن لمصطلح الأمة مفهومين، مفهوم عام، ومفهوم خاص، وأما المفهوم العام، فيطلق ويراد به جميع سكان دولة يعيشون معا في وئام وانسجام في رقعة من الأرض، وذلك بغض النظر عن عقائدهم، وانتماءتهم؛ وأما المفهوم الخاص، فيطلق ويراد به جماعة من الناس ينتمون إلى دين بعينه، وذلك بغض النظر عن مواطن إقامتهم ووجودهم. وأشار إلى وجود حقوق والتزامات للأفراد الذين يعيشون داخل دولة أو يتقاسمون معتقدا بعينه، مؤكدا على أن قوة الأمم وضعفها يتوقفان على مدى التزام أفرادها بمقومات وجودها، واستقرارها، فما التزمت أمة عبر التاريخ بمقوماتها إلا سعدت وارتقت وعلت وسادت، وما أهملت أمة مقوماتها إلا كان الضعف والانهيار مصيرها. ونوه في هذه الأثناء بأن المراد بالأمة في هذه المحاضرة هو المفهوم العام، ويصدق اليوم على ملياري إنسان يؤمنون بدين واحد، ويتجهون في صلواتهم إلى قبلة واحدة، ويصومون شهرا واحدا، ، ويزكي أغنياؤهم منهم مرة كل عام، ويحجون كل عام إلى بيت واحد، وهذه الأمة متصفة بالخيرية والشهود على غيرها من أمم الأرض كما دل على ذلك قوله تعالى (( كنتم خير أمة أخرجت للناس)) وقوله جل جلاله ((وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)). وأوضح معاليه أن نجاح العمل الإسلامي في كل عصر ومصر يتوقف على مدى التزام الأمة في أينما حلوا وارتحلوا بمرتكزات ثلاثة أصَّلها وفصَّلها وبيَّنها ذلك الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. وتتمثل تلكم المرتكزات في مرتكز التواد، ومرتكز التراحم، ومرتكز التعاطف، وتتقاسم هذه المرتكزات في كونها عميقة الصلة والارتباط بالقلب الذي يعد منبعها ومصدرها ومكانها، مما يعني أنه إذا وقرت في القلب تجلت آثارها في السلوك والتصرف، وكذلك الحال في ضعفها، وعدم ثباتها واستقرارها. ودعا معاليه المنخرطين في العمل الإسلامي في كل مكان وبخاصة خارج العالم الإسلامي أن يستحضروا ويستمسكوا ويعتصموا بهذه المرتكزات مع الابتعاد التام عن المنافسات العقيمة المدمرة، والتكرار المفتت للجهود، والتسابق المحموم نحو تدمير الذات، فضلا عن التناحر، والتحاسد، والتناجش، والتباغض، والتدابر. فكل هذا يحول دون نجاح العمل الإسلامي، مما يعتي أن نجاح العمل الإسلامي المعاصر مرهون دوما وأبدا بالاستحضار الدائم لهذه المرتكزات، وبالاعتصام المستمر بها في كل نشاط أو تصرف يقدم عليه الإنسان المسلم. وتحقيقا لهذا، دعا معاليه إلى النظرة الإيجابية والتفاعل الإيجابي، والتعامل المسؤول مع الاختلاف سواء في مجال العقيدة أو الفقه أو التربية. وختم معاليه محاضرته بالتأكيد على أهمية التفاؤل، وعدم اليأس من الواقع الحالي، والعمل الجاد من أجل التغيير الواقع إلى واقع أكثر تضامنا، وتساندا، وتآزورا.
وفي نهاية المحاضرة أجاب معاليه على عدد من الأسئلة التي طرحها المتابعون، ونالت المحاضرة استحسانا كبيرا من المتابعين.
وقد أدار الجلسة سعادة الدكتور معاذ البيايوني، وتعد الأكاديمية مؤسسة كندية غير ربحية متخصصة في علم الدعوة الإسلامية (الدعوة) تقدم مجموعة متنوعة من البرامج التي تطور المهارات المهنية والاجتماعية المتعلقة بفن الدعوة، ومقرها مدينة أونتاريو بكندا.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار