معاليه يؤكد في مؤتمر الدراسات الإسلامية بأن ” عقد المواطنة في الإسلام عقد فكري واجتماعي وأخلاقي بين الفرد والمجتمع والدولة”
17 أبريل، 2025

شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، في أعمال المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية الذي نظمته جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بعنوان «المواطنة، والهوية، وقيم العيش المشترك» خلال يومي الثلاثاء والأربعاء 17و18 من شهر شوال لعام 1446هـ الموافق 15و16 من شهر أبريل لعام 2025م، بمدينة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.

هذا، وقد ألقى معاليه كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر تحدث فيها عن أهمية موضوع المؤتمر الذي وصفه بأنه تحاوُّر وتفاكُّر وتباحث حول “سبل تعزيز تلكم المبادئ الفكرية الراسخة، والدعائم الاجتماعيَّة الزاخرة، والقيم الأخلاقيَّة الوافرة التي تنهض بها الأمم، وتبنى عليها الحضارات، وتحفظ بها الثروات، وتصان بها المجتمعات، وتتحقق بها الإنجارات، إنَّها المواطنة، والهويَّة، وقيم العيش المشترك”، كما أوضح مسيس الحاجة اليوم إلى “تذكير الأجيال الناشئة في عصر تقنيات الذكاء الاصطناعيِّ بالماضي المجيد للأمَّة، وتمكينها من فهم الحاضر العنيد الملئ بالفرص والتحديات، وتوعيتها بالمستقبل الواعد المحفوف بالتقلبات والتغيرات والتطورات، بما يعينها على الاستفادة القصوى مما تركه الأسلاف المنعمون من ثروة فكريَّة عظيمة في سائر الفنون والعلوم والمعارف، والاستغلال الأمثل لما يعج به العالم المعاصر من إمكاناتٍ، وتقنياتٍ، وتكوين وعي قادر على التعامل المسؤول مع تحدِّيات المستقبل وإكراهاته..”. ثم تحدث عن مفهوم المواطنة في الإسلام بقوله: “إنَّ التأمل الحصيف في مفهوم المواطنة الجامعة الشاملة في ضوء تراثنا الفكريِّ والعلميِّ الزاخر وبخاصَّة ما احتوته صحيفة المدينة الخالدة من صياغات ناضحة ومتقدمة يدفعنا دفعًا إلى تقرير القول إنَّها عقد فكريٌّ، واجتماعيٌّ، وأخلاقيٌّ بين الفرد، والمجتمع، والدولة”. وبيَّن بأن كون المواطنة عقدا فكريًّا يعود إلى كونه عقدا منبثقا “.. من أصولٍ متينة رصينة أوسعتها نصوص الكتاب المجيد، والسنَّة النبوية الشريفة تأصيلا وتقريرا متمثلا في سائر النصوص الشرعية الواردة في الأمر بالسمع والطاعة للدولة (=ولي الأمر) في المنشط والمكره، والنهي عن الشغب، واللغط، واللجج، والخروج..” كما أوضح بأن كونها عقدا اجتماعيًّا يعود إلى كونها عقدا ينتظم “..حقوقًا ثابتة، وواجباتٍ واضحةً متبادلةً بين الأطراف الثلاثة (الفرد، والمجتمع، والدولة) شملها نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية الطاهرة بالبيان والتحرير والتفصيل متمثلا في النصوص الداعية إلى التعاون، والتناصر، والتآزر، والتساند، والتراحم، والتكاتف بين الراعي والرعية من جهة، وبين الراعي والمجتمع من جهة، وبين الرعية والمجتمع من جهة ثالثة..”. وأما بالنسبة لكونها عقدا أخلاقيًّا، فأوضح معاليه أن ذلك يعود إلى كونها عقدا يشتمل على “..التمسك بالقيم الرفيعة، والتحلِّي بالآداب السامية، قوامُها الولاء الصادق لله، ولرسوله، وللدولة (=ولي الأمر) قلبًا وقالبًا، والانتماء الخالص، والاعتزاز المخلص بالوطن، والتفاني الدائم في خدمة الوطن، والمجتمع، وولي الأمر، امتثالًا لتلك النصوص الشرعية الواردة في الحث على الطاعة، والإخلاص، والصدق، والوفاء، والأمانة، والاستقامة، والمودة، والعدل، والنصيحة، والابتعاد عن الخيانة، والغدر، والظلم، والغلو، والتطرف، والتعصب”.

وبالنسبة للهوية في المنظور الإسلامي، فقد أوضح معاليه بأنها تعني الانتماء الصادق إلى وطن، وثقافة، وعقيدة، ولغة، وتاريخ.. وتمثل “الأساس الذي يبنى عليه التعارف الحضاري المنفتح على الاختلاف بين البشر بحسبانه سنة كونية، وإرادة أزلية، وهي عماد التكامل الفكري القائم على التنوع، والتسامح، والتعاون، وهي ركيزة التفاعل الإيجابي والتعايش السلمي مع مختلف الهويات الأخرى في إطار من القبول والاحترام المتبادل المانع من التقاتل، والتصارع والتنابز والتباغض باسم عقيدة، أو لغة، أو ثقافة، أو تاريخ، وذلك إيمانا بأن تعدد المعتقدات، واختلاف الأديان، وتنوع اللغات والثقافات آية من آيات الله التي لا يعقلها إلا العالمون..”.

وبالنسبة لقيم العيش المشترك المتمثلة في التسامح، والقبول، والتضامن، والتعاون أوضح معاليه بأنها ” لبُّ الأديان السوية، وجوهر الرسالات السماوية، وضمانة أمان المجتمعات، وأساس الاستقرار والازدهار والرخاء لأنها تختزل القيم والمبادئ والركائز التي بها تنهض الشعوب، وتتفدم الأمم، وتبنى الأوطان، وتصان كرامة الإنسان، ومن أهمها التسامح، والحوار، والكرامة، والرحمة، والعدل، والإنصاف، والاحترام، والقبول..” كما أوضح بأن هذه القيم بمجموعها وما تحمل من معاني راسخة عميقة هي التي “..تُعزز السلم، والوفاق، والأمن، والأمان، والوئام، والانسجام في المجتمعات، وهي التي تُقلل بل تقضي على الصراعات، والنزاعات، والفتن، والقلاقل في المجتمعات؛ ولذلك، فإنه لمن نافلة القول إن غياب هذه القيم في المجتمعات كان ولا يزال من أهم أسباب التوترات، والاضطرابات، والأزمات.. ومن مكرور القول إن تعزيزها وترسيخها وإشاعتها مقدمة لكل تطور، وتقدم، وازدهار..”

وختم معاليه مهنئا القائمين على المؤتمر، وواصفا المؤتمر بكونه “نقلةٌ فكريَّة نوعيَّة ومحطَّةٌ علميَّة يرجى أن يتواصل من خلال مخرجات نقاشاته، وتوصياته إلى بلورة رؤى إستراتيجيَّة، وبرامج علميَّة عمليَّة يستفاد منها في تعزيز الوعي لدى الأفراد وبخاصَّة الأجيال الناشئة بأهميَّة التمسك بالمواطنة الجامعة الشاملة بأبعادها الثلاثة فكرًا وسلوكًا وممارسةً، وضرورة الحفاظ على الهويَّة الناصعة بمكوناتها وبما تحمله من مقومات وافرة، وحتميَّة تمثُّل وتفعيل قيم العيش المشترك في سائر مشاريع البناء، والتقدم، والتطور، ضمانًا للاستقرار، والازدهار، والسلام، والأمن، والأمان..”

والجدير ذكره أن المؤتمر ناقش على مدار يومين ثلاثة محاور رئيسية، وهي المواطنة والانتماء: مداخل فلسفية وأبعاد قيمية، والمواطنة في الواقع المعاصر، والمواطنة ورهانات المستقبل: الفرص والآمال.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

في يومها الثالث الدورة السادسة والعشرون لمجمع الفقه الإسلامي تبحث قضايا الألعاب الإلكترونية، والصحة النفسية، والحوكمة الشرعية في المؤسسات المالية

6 مايو، 2025|

بمشاركة كوكبة نيرة من علماء الأمة والخبراء المختصين من أنحاء العالم الإسلامي الدوحة تستضيف الدورة 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي

4 مايو، 2025|
اذهب إلى الأعلى