قرار بشأن العلاج الطبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قرار رقم: 67 (7/5)[1]
بشأن العلاج الطبي

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412 الموافق 9-14 أيار (مايو) 1992م،

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع العلاج الطبي،

وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،

قرر ما يلي:

أولًا: التداوي:

الأصل في حكم التداوي أنه مشروع، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم والسنة القولية والفعلية، ولما فيه من (حفظ النفس) الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع.

وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص:

    • فيكون واجبًا على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه أو عجزه، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، كالأمراض المعدية.
    • ويكون مندوبًا إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما سبق في الحالة الأولى.
    • ويكون مباحًا إذا لم يندرج في الحالتين السابقتين.
    • ويكون مكروهًا إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها.

ثانيًا: علاج الحالات الميؤوس منها:

أ- مما تقتضيه عقيدة المسلم أن المرض والشفاء بيد الله عز وجل، وأن التداوي والعلاج أخذ بالأسباب التي أودعها الله تعالى في الكون وأنه لا يجوز اليأس من روح الله أو القنوط من رحمته، بل ينبغي بقاء الأمل في الشفاء بإذن الله.

وعلى الأطباء وذوي المرضى تقوية معنويات المريض، والدأب في رعايته وتخفيف آلامه النفسية والبدنية بصرف النظر عن توقع الشفاء أو عدمه.

ب- إن ما يعتبر حالة ميؤوسًا من علاجها هو بحسب تقدير الأطباء وإمكانات الطب المتاحة في كل زمان ومكان وتبعًا لظروف المرضى.

ثالثًا: إذن المريض:

أ- يشترط إذن المريض للعلاج إذا كان تام الأهلية، فإذا كان عديم الأهلية أو ناقصها اعتبر إذن وليه حسب ترتيب الولاية الشرعية ووفقًا لأحكامها التي تحصر تصرف الولي فيما فيه منفعة المَوْليّ عليه ومصلحته ورفع الأذى عنه.

على أن لا يُعتدّ بتصرف الولي في عدم الإذن إذا كان واضح الضرر المَوْليّ عليه، وينتقل الحق إلى غيره من الأولياء ثم إلى ولي الأمر.

ب- لولي الأمر الإلزام بالتداوي في بعض الأحوال، كالأمراض المعدية والتحصينات الوقائية.

ج- في حالات الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب للخطر لا يتوقف العلاج على الإذن.

د- لابد في إجراء الأبحاث الطبية من موافقة الشخص التام الأهلية بصورة خالية من شائبة الإكراه -كالمساجين- أو الإغراض المادي -كالمساكين-. ويجب أن لا يترتب على إجراء تلك الأبحاث ضرر.

ولا يجوز إجراء الأبحاث الطبية على عديمي الأهلية أو ناقصيها ولو بموافقة الأولياء.

ويوصي بما يلي:

أن تقوم الأمانة العامة للمجمع بالاستكتاب في الموضوعات الطبية التالية لطرحها على دورات المجمع القادمة.

  • العلاج بالمحرمات وبالنجس، وضوابط استعمال الأدوية.
  • العلاج التجميلي.
  • ضمان الطبيب
  • معالجة الرجل للمرأة، وعكسه، ومعالجة غير المسلمين للمسلمين.
  • العلاج بالرقى (العلاج الروحي).
  • أخلاقيات الطبيب – مع توزيعها على أكثر من دورة إن اقتضى الأمر.
  • التزاحم في العلاج وترتيب الأولوية فيه.
  • بحث أنواع من المرض تنتهي غالبًا بعجز الأطباء أو ترددهم في العلاج، وأمثلة ذلك:
  • شخص قد استشرى السرطان في جسمه فهل تتم معالجته أو يكتفي بالمسكنات والمهدئات فقط؟
  • طفل مصاب باستسقاء كبير في الدماغ (موت الدماغ) مصحوب بأنواع من الشلل، والدماغ قد ضمر -أي لا تزال مناطق من الدماغ تعمل- فهل تجرى لمثل هذا الطفل العملية؟ وهل إذا أصيب هذا الطفل بالتهاب في الزائدة أو التهاب رئوي يتم علاجه أم يترك؟
  • شيخ هرم قد أصيب بجلطة في القلب ومصاب بنوع من الشلل ثم أصيب بفشل كلوي فهل تتم معالجة الفشل الكلوي بالديلزة (الإنقاذ)؟ وهل إذا توقف قلبه فجأةً تتم محاولة إسعافه أم يترك؟ وهل إذا أصيب بالتهاب رئوي يتم علاجه أم يترك؟
  • الشخص الذي أصيب دماغه بإصابات بالغة ومع هذا لا تزال بقية من الدماغ تعمل -لم يدخل في تعريف موت الدماغ- وهو فاقد للوعي ولا أمل في تحسن حالته، فهل إذا أصيب مثل هذا الشخص بتوقف في قلبه يتم إسعافه أم يترك؟ وهل إذا أصيب بالتهاب رئوي يعالج؟ ومن هو الذي يقرر التوقف عن العلاج في مثل هذه الحالات أهي لجنة من الأطباء أم لجنة أخلاقية أم الأطباء مع الأهل؟بيان موقف الشريعة والسنّة من هذه الأحوال والأنواع.

والله الموفق؛؛


[1] مجلة المجمع (العدد السابع ج3 ص563).

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى