بيان مجمع الفقه الإسلامي الدولي لحجاج بيت الله الحرام: الحج المبرور عبادة وآداب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد

فإن أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي تهنئ حجاج بيت الله الحرام بقدومهم إلى هذه البقاع الآمنة والمشاعر المقدسة، عابرين كل فج عميق، راكبين الصعب والذلول، ألوانهم مختلفةٌ، ولغاتهم متعددةٌ، يجمعهم الإسلام الذي وحّد القلوب، وألف بين النفوس، جاءوا ملبين نداء الله عز وجل، في هذه المناسبة العظيمة التي تجسد أعظم تجسيد وحدة المسلمين الكبرى، وتؤصّل في النفوس المؤمنة المسلمة معنى التضامن، وتقوّي بين المسلمين رابطة التعاون والتآلف.

ولتذكيرهم بما ينبغي عليهم أن يتحلوا به من آداب، ويمارسونه من سلوك أثناء أدائهم للمناسك، ليكون حجهم مبرورا، وعملهم متقبلا، وينالوا من الباري أكمل الأجر وأوفاه، فإن أمانة المجمع توصيهم بما يلي:

أولا: إن الحج المبرور هو الذي يصون فيه الحاج نفسه عن الذنوب والمعاصي واللغو والرفث والفسوق والجدال، ويهتم في كل أموره بالبر والإحسان، يكون مطعمه ومشربه وملبسه ونفقته من حلال، ويريد بعمله وجه الله تعالى، لقوله سبحانه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، والإخلاص يقتضي من الحاج أن يعلّق قلبه بربه مستيقنا أن الأمور كلّها بيده سبحانه، فيصرف كل أنواع العبادة إليه وحده، متابعا في أدائها رسوله صلى الله عليه وسلم، مهتديا بهديه، مستنا بسنته، مقدّما قوله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد من الناس، امتثالا لأمر الله سبحانه (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ).

ثانيا: على الحاج أن يحذر كل الحذر من التلبس بكل ما يوهن الحج، أو ينقص أجره، لاسيما فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم في سنته بكريم الأجر لمن صان حجه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، والرفث هو غشيان اللسان ودواعيه، وتكرار النظر على وجه الاستمتاع، وأما الفسوق فيبدأ بأعمال الفسق، كالكذب، والغيبة، والنميمة، والسباب، وارتكاب كل ما يفضي إلى الخصومة. فعلى الحاج أن يؤدي مناسكه وفق ما شرع الله، ليستحق هذا الثواب العظيم، وعليه أن يستفيد من وجوده في هذه الأراضي المقدسة للإقبال إلى المولى عز وجل، وللتقرب إليه جل وعلا، بكل جوارحه ومشاعره، وعليه أن يستشعر قدسية المكان، ويتأدب بأدب المقام، ويحترم حرمة الزمان، ويلتزم بمقاصد الحج الشرعية، وبسائر تعاليم الدين الإسلامي، من آداب حسنة، وسلوك نبيل، ويتجنب كل ما يؤدي إلى الفرقة والشحناء والبغضاء، ويبتعد عن كل ما يعكر صفو الحج، ويسبب الأذى والتشويش من سائر الأعمال، كالهتافات والدعوات المضللة، والمسيرات التي تضايق الحجاج وتؤذيهم، إلى غير ذلك من أنواع الأذى التي يجب أن يحذرها الحجاج.

ثالثا: ينبغي أن يحرص كل حاج على أن يعين أخاه على تحصيل المقاصد تامة، وينفعه في تيسير أدائه مناسكه، وأفضل ما يحقق ذلك هو التقيد بالأنظمة، واتباع التعليمات، والاسترشاد بالتوجيهات التي يتوجه بها القائمون على تنظيم الحج، وكذلك الاهتداء باللوحات الإرشادية والتوجيهية التي تنتشر بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وفي المشاعر المقدسة، والتي لم توضع إلا من أجل حفظ النظام الذي يصب في مصلحة الجميع، ولمعالجة الظواهر السلبية التي تظهر في موسم الحج.

وبهذه المناسبة فإن أمانة المجمع إذ تتوجه بوافر الشكر وعظيم التقدير إلى حكومة المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، أيده الله، والتي سخرت كل إمكاناتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، لتدعو المولى عز وجل أن يجزيهم خير الجزاء ويبارك في جهودهم، ويوفقهم لكل ما فيه تيسير أمور الحج. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى