على هامش مشاركته في الدروس الحسنية نظمت مؤسسة دار الحديث الحسنية صباح يوم الأربعاء 21 من شهر رمضان المبارك لعام 1444هـ الموافق 12 من شهر أبريل لعام 2023م محاورة علمية لمعالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، مع طلاب وطالبات صف الدكتوراه بالمؤسسة، وذلك رغبة في تمكين الطلبة من الاستفادة من فكره، وخبرته العلمية الواسعة، وتجربته العملية المتراكمة.
وقد رحّب بمعاليه في بداية المحاورة سعادة الدكتور المدير المساعد والكاتب العام بالمؤسسة، حيث أكدا على أن زيارة معاليه للمؤسسة وقبوله هذه المحاورة فرصة طيبة ينبغي للطلبة استثمارها من أجل التعرف على مسيرته الفكرية الغنية، وخبرته العلمية المتميزة، فضلا عن تجربته العملية التي تميزت بالمزواجة بين العلم والعمل الأكاديمي، وبين العلم والعمل الإداري، وبين العلم والعمل السياسي، حيث سبق لمعاليه أن عمل أستاذا جامعيا ووكيلا للجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا للشؤون الدولية والابتكارات لمدة 16 عاما، كما عمل في بلده، جمهورية غينيا، وزيرا للشؤون الدينية، ووزيرا للتعاون الدولي، ومستشارا دبلوماسيا لرئيس الجمهورية لمدة 12 عاما، ويعمل حاليا أمينا عاما لمجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي بجدة بالمملكة العربية السعودية. ودعا الطلبة إلى اغتنام هذه الفرصة للاستفادة من هذه المحاورة.
ومن جهته، استهل معاليه حديثه بالتعبير عن أسمى آيات الشكر، وأجل عبارات التقدير لمقام أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على العناية الكبيرة، والرعاية العظيمة للشأن الديني ومؤسساته داخل المملكة المغربية وخارجها، كما أعرب عن شكره الجزيل وامتنانه الكبير لمؤسسة دار الحديث الحسنية العريقة على الدعوة، وحسن ظنها به، مشيدا بالمكانة العلمية المرموقة لهذه المؤسسة الرائدة، ومهنئا الإدارة القديرة على نجاحها في تطبيق برنامج الدار الجديد المتميز الذي يهدف إلى إعداد جيل من العلماء المتمكنين من المعرفة الدينية ومبادئ العلوم الإنسانية والاجتماعية مع إجادة إحدى اللغات العالمية المعاصرة تمكينا لهم من الاطلاع على العلوم والمعارف المتاحة في تلك اللغات. ثم تحدث معاليه عن أهمية المثابرة والمواظبة والحرص على طلب العلم، والابتعاد عن الكسل والدعة والركون والإعجاب بالنفس، فضلا عن أهمية استثمار الوقت والطاقة فيما يعود بالفائدة والنفع، منوّها بهذا الصدد إلى ضرورة المدوامة والمواظبة على القراءة والكتابة والتعلم، ومدارسة العلم، وحضور الحِلَق العلمية، والندوات والمؤتمرات وورش العمل كلما وجد طالب العلم إلى ذلك سبيلا، كما نبَّه على أن أهمية الانضباط، والإخلاص، والتفاني، وحسن تنظيم الوقت، والترتيب بين الأولويات، مشيرا إلى أن ذلك يعد أساسا لكل عمل ناجح سواء أكان ذلك العمل علميا أم إداريا أم سياسيا، ومؤكدا على أهمية التواضع، والانفتاح، والتكامل مع الآخرين في كل حين. وأشار في هذه الأثناء إلى جملة من التجارب التي مر بها أثناء انخراطه في العمل السياسي، وقبله أثناء عمله الأكاديمي والإداري بالجامعة. كما أكد للطلبة أن نجاح المرء في أي عمل يقوم به أو نشاط يقدم عليه يعود إلى توفيق الله إياه ثم إلى أخذه بالأسباب والوسائل المعينة على تحقيق الأهداف، وبلوغ الغايات، ومن أهم تلك الأسباب الجد، والاجتهاد، والصبر، والاصطبار، وحسن التخطيط والتنظيم. وختم حديثه بالابتعاد عن اليأس والاستسلام عند عدم تحقق بعض الأهداف التي يرسمها الإنسان لنفسه، ذلك لأنه يجب على المرء أن يتعلم من الهفوات والكبوات التي يتعرض لها في الحياة، ولذلك “حَذَارِ ثم حَذَارِ من اليأس، مذكِّرا أنَّ للإنسان أربعة أعداء يجب عليه الصمود أمامهم، وهي: الجهل، والفقر، والمرض، واليأس، ويعدُّ اليأس أخطر وأشرس هؤلاء الأعداء، ذلك لأنه يمكن مقاومة الجهل بالتعلم، ومكافحة الفقر بالعمل، ومداوة المرض بالعلاج، وأما اليأس، فإن علاجه عسير جد عسير، وإذ تمكن من النفس جعله يستسلم لكل شيء، مما قد يدفعه إلى الانتحار، وإلحاق الأذى بنفسه”.. ولهذا، فإنني “أدعوكم إلى الابتعاد عن اليأس، والاستسلام، والكسل، والإعجاب بالنفس، وبدلا من لكم أدعوكم إلى التفاؤل، والثقة بالله وبلطفه، والحرص على طلب العلم، والتفاني في ذلك مع أهمية مصاحبة أهل الجد والاجتهاد والعلم، والابتعاد عن مخالطة الكسالى، والمنسحبين من الحياة، المستسلمين للعجز.. عسى الله أن يأخذ بأيديكم، ويسدد خطاكم، وتذكروا دوما وأبدا ما قاله ابن عم رسول الله، صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، عندما سأله كيف تمكن من جمع هذا الكم الهائل من العلم والفقه والفهم على الرغم من صغر سنه، فقال قولته الشهيرة: بلسان سؤول، وبقلب عقول..”.
ثم طرح الطلبة جملة من الأسئلة على معاليه تركزت على السِّرِّ في قدرة معاليه على الإبداع، والتفوق في المجال العلمي، والمجال السياسي والدبلوماسي، كما تركزت أسئلتهم على مستقبل الثقافة العربية والناطقين باللغة العربية في القارة السمراء خاصة في طرق انخراطهم في العمل السياسي.. فكرر معاليه القول بضرورة الثقة بالله ثم بالنفس وعدم الاستسلام بأي حال من الأحوال لمحاولات الإقصاء بل لا بد من الانخراط بحكمة وحنكة بعد التمكن من عوامل النجاح، والأخذ بالأسباب والوسائل.
وفي ختام اللقاء قدم الكاتب العام درع المؤسسة إلى معاليه، وجدد شكره له على الزيارة.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار