ألقى معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي بعنوان المرأة في الإسلام: المكانة والتمكين، الذي استضافته المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي خلال الفترة من 22-24 ربيع الثاني 1445هـ الموافق 6 – 8 نوفمبر 2023م في مدينة جدة.
وفي مستهل كلمته رحب معاليه بضيوف المؤتمر، قائلًا: “ضيوف المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين، حللتم أهلا، ووطئتم سهلًا، أهلا بكم في جوار المسجد الحرام الذي جعله الله مثابة وأمنًا، والذي يجبى إليه ثمرات كل شيء، ومن ذلك ثمرات الرجال والنساء وأنتم منهم إن شاء الله” ثم أكد “أن الدين الحنيف أرسى مبادئ قويمة وقواعد متينة وأنظمة متماسكة لقيام مجتمع إنساني متميز يتعاون أفراده على البر والتقوى ويتكامل أعضاؤه في بناء الأوطان، والنهوض بالشعوب، والارتقاء بالإنسان، ويتنافس رجاله ونساؤه في العمل الصالح، وذلك في إطار من الضبط المحكم للحقوق والواجبات، والصياغة المتينة لمجالات التعاون والتكامل والتضامن، وأردف قائلًا “على هدي من نصوص الكتاب الحكيم والسنة النبوية الشريفة التي وردت في قضايا المرأة وبخاصة حقوقها الشرعية في التعليم، والعمل ، والتملك، والامتلاك، والولاية، والشورى، وغيرها، وواجباتها الفكرية والتربوية والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها، بذل الأسلاف الأخيار من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين وتابعيهم وأئمة الاجتهاد ما وسعهم من جهد عظيم في بيان المكانة السامية التي تحظى بها المرأة في الإسلام بيانا شافيًا كافيا، تقريرا للتكريم الإلهي لها وحمايتها من الامتهان والابتذال والاحتقار كما استفرغوا طاقتهم في البيان بشكل مفصل لحقوق المرأة وواجباتها في الإسلام تقريرا وإثباتا وتأكيدا على أسبقية الدين الحنيف على القوانين و المواثيق المعاصرة”.
ونوَّه بهذا الصدد إلى أهمية إيجاد إرشادات تحفظ للمرأة حقوقها وكرامتها، فقال: “ إننا في هذا المؤتمر المبارك بحاجة إلى إرشاد متبصر يؤكد حق المرأة ودورها في البناء والتنمية الشاملة في المجتمع ويؤكد حقها في التعليم والعمل والوظيفية الملائمة، وبحاجة إلى إرشاد يستنكر ويقاوم جميع أشكال استغلال المرأة في أي ميدان لا يقيم للقيم والفضائل وزنًا لما يفضي إلى تحقير شأن المرأة وامتهان كرامتها والمتاجرة بجسدها وعرضها، وإرشاد يمنع أن تقذف المرأة في بحار الضياع والهوان والحرمان، كما إننا بحاجة إلى إرشاد حقوق المرأة مقرونة بمسؤولياتها في الأمومة ورعاية الأسرة..“ وزاد معاليه هذا البعد في التعامل مع قضايا المرأة وبخاصة حقوقها وواجباتها في المجتمع، مؤكدا بأن “حقوق المرأة تؤخذ وتمارس من خلال الحشمة والأدب، محوطة بسياج الإيمان بالله في أمة واحدة متكاتفة متآلفة، وليست متنازعة متصارعة (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ).
كم هو جميل أن نتحدث عن نداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها، نداء الفطرة الذي يقول: إن الرجل يبحث عن المرأة التي تعمر البيت بوجودها، أو عملها وتدير شان منزلها وليست المرأة التي تخرج للعمل في ميادين تخلف وراءها بيت يملؤه الفراغ والإهمال كما أن المرأة تبحث عن الرجل الكريم الشريف الذي يقف إلى جانبها في مسار حياتها، شابة، وامرأة سعيدة، وسيدة محترمة، هو سكن لها وهي سكن له قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَازَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)”.
وتمكينا للأجيال المتعاقبة من معرفة حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام، أوضح معاليه أن جهود تبيان مكانة المرأة وبخاصة حقوقها وواجباتها في الإسلام لم يتوقف عبر التاريخ، وذلك انطلاقاً مما تتعرض له هذه المكانة وتلك الحقوق والواجبات بين الفينه والأخرى من هضم وامتهان وإساءة سواء من العادات والتقاليد والأعراف البالية، أو من التشريعات والقوانين المجحفة غير العادلة، وسعياً إلى الإسهام في تصحيح المفاهيم المخالفة لتعليم الدين القويم فيما يتعلق بمكانة المرأة في الإسلام و أملاً في تعزيز الوعي بحقوق المرأة وواجباتها كما قررتها تلك التعاليم الناصعة الخالدة بل رغبة في إزالة تلك الشبهات التي تؤثر بين الفينة والأخرى حول موقف الإسلام الثابت من مشاركة المرأة في جهود البناء والنهضة والتنمية و عمار الكون، مشيرًا إلى دور مجمع الفقه الإسلامي الدولي خلال العقود الأربعة الماضية في بيان تلك المكانة العلية والمنزلة الرفيعة للمرأة، ونبذ العادات البالية التي تحول دون قيام المرأة بواجباتها الشرعية والحضارية تجاه دينها ووطنها، وأمتها والعالم أجمع، وقد حضرت قضايا المرأة وحقوقها وواجباتها بقوة في الدورات المجمعية، والندوات الفقهية المتخصصة، وأصدر المجمع عددا كبيرا من القرارات الرصينة الخاصة بالمرأة وحقوقها وواجباتها
وفي نهاية كلمته دعا معاليه الله العلي القدير أن يكتب لهذا المؤتمر النجاح والتوفيق ويجزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهما الله، على ما يولونه من اهتمام وعناية بالإسلام والمسلمين، وأن يجزي خيرا كل من له الفضل في تنظيم هذا المؤتمر، وخص بالذكر صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، ومعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وجميع المشاركين والمشاركات في أعمال هذا المؤتمر.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار