بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قرار رقم: 222 (23/6)
بشأن المزايا التي يمنحها المصرف لعملاء الحساب الجاري من المنظور الشرعي
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي، المنعقد في دورته الثالثة والعشرين بالمدينة المنورة، خلال الفترة من: 19-23 صفر 1440هـ، الموافق: 28 أكتوبر- ا نوفمبر 2018م،
وبعد اطلاعه على البحوث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع المزايا التي يمنحها المصرف لعملاء الحساب الجاري من المنظور الشرعي، وبعد استماعه إلى المناقشات الموسعة التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولًا: تعريف الحساب الجاري:
هو سجل للمبالغ التي يقدمها العميل للبنك – الإسلامي أو التقليدي- ويتيح به الحق بسحبها في أي وقت، وبوسائل معروفة منها كتابة الشيكات والحوالات، إضافة للسحب النقدي المباشر، وتكون تلك المبالغ المودعة مضمونة في ذمة المصرف يستعملها لفائدته كما يشاء حسبما تنظمه القوانين.
ثانيًا: تكييفه الشرعي:
بعد أن نظر المجمع في مجموعة من التكييفات الشرعية للودائع في الحساب الجاري ومنها: تكييفها على أنها وديعة حقيقية مضمونة بالاستعمال، أو أنه عقد جديد مستقل، او منظومة تعاقدية تنتظم عددا من العقود، خلص إلى التأكيد على قراره رقم 86(9/3) بشأن الودائع المصرفية في (الحساب الجاري) والذي نص فيه على أن الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية، أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي.
ثالثًا: الحكم الشرعي للمزايا المصرفية لعملاء الحساب الجاري تحت الطلب:
تعريف المزايا المصرفية:
المراد بالمزايا المصرفية هنا: الحقوق الإضافية التي يمنحها البنك لأصحاب الحسابات الجارية تحت الطلب، من أجل جذبهم وتشجيعهم على فتح الحسابات أو الاستمرار فيها.
وهي بحسب طبيعة نفعها والغرض المقصود منها نوعان:
أحدهما: ما كان لنفع العميل وحده.
الثاني: ما كان لنفع الطرفين (المصرف والعميل).
أ- النوع الأول – المزايا التي تكون لنفع العميل وحده:
تنقسم المزايا التي تكون لنفع العميل وحده إلى قسمين: مزايا معنوية ومزايا مادية.
(1) المزايا المعنوية، هي المنافع والخدمات التي يمنحها البنك للعميل، ولم يبرز فيها ما يشبه العلاوة المالية على مقدار الوديعة، مثل: أفضلية الخدمة في فروع البنك، وكذا تزويد العميل بنشرة إرشادية دورية، وبكشف حساب دوري، وبشهادة ملاءة، وببطاقة المزايا الدولية للصراف الآلي ونحوها.
وحكم هذا النوع من المزايا الجواز شرعًا؛ لأنها لا تعتبر من قبيل الزيادة المالية الربوية التي يلتزم البنك بدفعها للعميل زيادة على مبلغ القرض، وإنما هي تقديم مساعدة من المقترض (البنك) إلى المقرض (العميل) لاستيفاء حقه المالي، فيستصحب فيها حكم الإباحة الأصلية لانتفاء الدليل المانع.
(2) المزايا المادية، وهي الأعيان والمنافع والنقود الزائدة على المبلغ المثبت في الحساب الجاري يبرز فيها ما يشبه العلاوة المادية مقابل الإقراض، كتقديم أجهزة كهربائية وأجهزة إلكترونية وتذاكر الطيران ونحوها.
وحكم هذا النوع من المزايا سواء أكانت مشروطة أم غير مشروطة؛ هو المنع شرعًا، إذا كانت بسبب الإقراض، وبالنظر لحجمه ومدته باعتبارها من جنس الزيادة الربوية التي يلتزم المقترض بدفعها إلى المقرض زيادة على مبلغ القرض.
أما إذا كانت تعطى لكل عميل جديد يكسبه البنك -سواء أكان في الحساب الجاري أو حساب المضاربة أو في التمويل وغيره- فهي من نفقات الإعلان والتسويق، وكسب الزبائن والعملاء، وتكون مباحة تطبيقًا للإباحة الأصلية، طالما أنها لا ترتبط بخصوص الإقراض بحجمه ومدته.
ب- النوع الثاني – المزايا التي يكون النفع فيها للطرفين (البنك والعميل) وهي قسمان:
أحدهما: ماله علاقة بعمليات السحب والإيداع. والثاني: ما لا علاقة له بذلك.
1- المزايا التي يمنحها البنك للعميل مما له علاقة بعمليات الإيداع والسحب من الحساب الجاري تحت الطلب والنفعُ فيها للطرفين، مثل: خدمة دفتر الشيكات وبطاقة الصرف الآلي؛ فحكمها الجواز شرعًا؛ لأنها تقديم مساعدة المقترض (البنك) للمقرض (العميل)؛ لاستيفاء حقه المالي، على أن المنفعة التي يجرّها القرض للمقرض لا تختص به وحده، بل تعم البنك والعميل (المقترض والمقرض)، ولأن فيها مصلحة للطرفين من غير ضرر لواحد منهما، و الشرع لا يرِد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها، كما أن هذا النوع من المزايا ليس بمنصوص على تحريمه، ولا هو في معنى المنصوص فوجب إبقاؤه على الإباحة الأصلية.
2- المزايا التي يكون فيها النفع للطرفين، ولا علاقة لها بعمليات الإيداع والسحب من الحساب الجاري تحت الطلب، مثل: تقديم بعض الخدمات المصرفية بأسعار تفاضلية أي أدنى من التي تعطى لغيرهم، مما يتعلق بسعر صرف العملات ورسوم الحوالات وأجور صناديق حفظ الأمانات ورسوم فتح الاعتمادات وإصدار بطاقات الائتمان وخطابات الضمان ونحو ذلك، فهي محرمة لأنها داخلة في قرض جر نفعا.
والله تعالى أعلم؛؛
اقرأ ايضا
آخر الأخبار