قرار بشأن التحوط في المعاملات المالية: الضوابط والأحكام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قرار رقم: 224 (23/8)
بشأن التحوط في المعاملات المالية: الضوابط والأحكام

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي، المنعقد في دورته الثالثة والعشرين بالمدينة المنورة، خلال الفترة من: 19-23 صفر 1440هـ، الموافق: 28 أكتوبر- ا نوفمبر 2018م،

وبعد اطلاعه على التوصيات الصادرة عن الندوة العلمية التحوط في المعاملات المالية: الضوابط والأحكام، التي عقدها المجمع بإمارة دبي خلال الفترة من 26-27 أبريل 2016 بالتعاون مع دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري من خلال منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي في دورته الثانية، واستماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،

قرر ما يلي:

أولًا: المقصود بالمصطلحات الأساسية (المفاهيم):

  1. مفهوم التحوط:

أ- مفهوم التحوط في معناه العام، يعني التغطية والاتقاء، أو الوقاية، وبمعنى الحماية كما ورد عند الفقهاء.

ب- مفهوم التحوط في الاصطلاح المالي: يعني إجراءات منظمة لإدارة المخاطر بتحييدها أو الحد منها أو إلغائها، من خلال نقلها إلى طرف آخر.

ج- أما مفهوم التحوط في المعنى الاصطلاحي، فهو يعني: الحماية من المخاطر وتخفيف آثارها، دون حصر مفهومه فيما هو شائع من العمليات في الأسواق المالية، التي يقوم أغلبها على الربا والمعاوضة على المخاطر. وتتضمن هذه الصيغ المشتقات (DERIVATIVES) والتي تشتمل على: المستقبليات (Futures) والاختيارات (Options)، وعمليات المبادلة المؤقتة (Swaps)، وبعض هذه الصيغ سبق للمجمع أن قرر عدم مشروعيتها بنص القرار، مثل الاختيارات، ومعظم المستقبليات والمبادلات المؤجلة بمفهوم القرار الخاص بالأسواق المالية.

  1. مفهوم الخطر:

ومعناه في اللغة: احتمال الهلاك.

وفي الاصطلاح المالي: احتمال هلاك المال، أو وقوع الخسارة، أو فوات الربح، أو كونه دون مستوى المتوقع.

والخطر المستهدف بهذا المعنى لا ينفك عن النشاط الاقتصادي، وقد وردت في الشريعة الإسلامية عقود التوثيقات مثل الرهن والكفالة (الضمان) وغيرهما لحماية طرفي العقد من مخاطر المعاوضة، والمخاطر إجمالًا غير مرغوب فيها؛ لأن فيها تعريض المال للهلاك.

  1. وأما الحماية فتعرف بأنها: استخدام الوسائل المتاحة للوقاية من الخسران أو النقصان أو التلف.

والحماية بهذا المعنى أعم من ضمان رأس المال، من حيث إن الضمان هو الالتزام من جهة معينه بتحمل ما يلحق برأس المال من خسارة أو تلف أو نقصان؛ أما الحماية فهي وقاية رأس المال فيشمل الضمان المباشر وغير المباشر.

ثانيًا: موقف الشريعة الإسلامية من التحوط من المخاطر:

  1. التحوط بمعناه العام، يقصد به الوقاية والحماية للمال من المخاطر، وهو بهذا المعنى يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ المال.
  2. الحكم الشرعي في التطبيقات العملية، يتوقف على مدى التزام صيغ وآليات التحوط بشتى صورها بالضوابط الشرعية، ويحتاج ذلك إلى تفصيل كل صيغة بالبحث، والتدقيق في مدى التزامها بالضوابط الشرعية.

ثالثًا: الضوابط الشرعية لصيغ التحوط وأساليبه:

  1. أن لا تنطوي صيغ التحوط على الربا أو تكون ذريعة إليه، وألا تشتمل على الغرر الفاحش، لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.
  2. أن تكون الصيغة في حد ذاتها مشروعة.
  3. أن لا تؤدي صيغة التحوط إلى بيع الديون بغير قيمتها الاسمية، وتبادل الممنوع شرعًا، كما هو مشاهد في الأسواق المالية التقليدية.
  4. أن لا تؤدي صيغ التحوط إلى بيع الحقوق المجردة، مثل بيوع الاختيارات التي أكد المجمع على منعها بقرار رقم 63(7/1) فقرة 2(ب)، وكذلك ألا تؤدي إلى المعاوضة على الالتزام مثل الأجر على الضمان الذي منعه المجمع بقراره رقم 12(2/12).
  5. مراعاة مقاصد الشريعة الإسلامية، عند صياغة عقود التحوط، وكذلك مراعاة مآلات تلك العقود وآثارها في الجوانب المختلفة، لأن مراعاة المآلات أصل معتبر شرعًا.
  6. أن لا تؤدي عقود التحوط إلى ضمان رأس المال أو الربح المتوقع، سواء أكان الضمان من المدير أم المضارب أم الوكيل، وذلك في حالات عدم التعدي أو التقصير أو مخالفة الشروط.
  7. لا يجوز أن يكون الخطر في حد ذاته محلًا للمعاوضة.
  8. أن يكون المقصد من أدوات التحوط المحافظة على سلامة المال، وليس لأجل المقامرة على فروقات الأسعار (Speculation).

يوصي المجلس بما يلي:

  1. نظرًا لتعدد صيغ التحوط وأساليبه وآلياته في التطبيقات العملية في المؤسسات المالية الإسلامية، ولكونها من المسائل المستجدة التي تتسع لها قواعد الاجتهاد في الشريعة الإسلامية السمحة، فإن المجمع يوصي أن تعقد ندوات علمية بالتعاون مع المؤسسات المالية الإسلامية لدراسة أدوات ومعاملات التحوط التي تمارسها المؤسسات المالية الإسلامية أو أقرتها هيئاتها، وذلك من أجل تحقيق مدى التزامها بالضوابط والشروط التي أقرها المجمع في قراراته وتوصياته.
  2. حث القائمين والعاملين في المؤسسات المالية الإسلامية على الاستفادة من الصيغ والعقود التي أقرها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهما من المجامع المعتمدة، في صياغة عقود التحوط والمعاملات، مثل: السلم، والسلم الموازي، والمرابحة للآمر بالشراء، والاستصناع، والاستصناع الموازي، وخيار الشرط، وذلك بالضوابط الشرعية الواردة في تلك القرارات.

والله تعالى أعلم؛؛

 

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى