معالي الأمين العام يشدد على أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي في الإفتاء المعاصر ضمن ضوابط الشرع

على هامش الاجتماع الأول للمجلس الاستشاري التأسيسي لمشروع جامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية، شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، يوم الاثنين 27 من شهر ذي الحجة 1446هـ الموافق 23 من شهر يونيو 2025م، في فعاليات «ورشة الفتوى 2025» التي نظّمها مكتب المفتي والمجلس الإسلامي السنغافوري بالعاصمة سنغافورة.

وقد تناول معاليه في مداخلته أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة الفتوى المعاصرة، مشيرًا إلى إمكاناتها الكبيرة في تسريع البحث، وجمع النصوص، وربط الفتاوى بالوقائع المستجدة، مما يجعلها أداةً مساعدةً مفيدةً للمفتين. لكنّه شدَّد في الوقت نفسه على ضرورة عدم الاعتماد عليها بشكل مستقلّ، دون إشراف وتأطير من قِبَل العلماء المؤهَّلين، لِما تفتقر إليه هذه التقنيات من أهلية الاجتهاد والقدرة على الترجيح عند تعارض الأدلّة.
وأكد معاليه أن الفتوى لا تصدر إلا عن علماء مؤهلين يمتلكون أدوات الاجتهاد من معرفة بالكتاب والسنّة، وفهْم دقيق لمقاصد الشريعة، وإلْمام بالخلاف الفقهي وقواعد الترجيح. وبيّن أن الرجوع إلى المفتين المعتبَرين يمثّل ضمانًا للسلامة العلمية وتحقيقًا للمسؤولية الشرعية، داعيًا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة للتواصل بين المستفتي والمفتي، لا كبديل عنه.

وشبّه معاليه الفتوى بوصفة العلاج التي لا يصدرها إلا طبيب خبير بعد معرفة دقيقة بحال المريض، قائلاً إن التصدّي للإفتاء دون تأهل علمي لا يقلُّ خطورةً عن ممارسة الطب دون ترخيص، إذ الأول يضرُّ بأديان الناس، والثاني يضرُّ بأبدانهم.
كما نبّه معاليه إلى خطورة الفتوى الفردية في القضايا العامة التي تمسُّ الشأن العام، كالاقتصاد والسياسة الشرعية والطب والبيئة، مؤكدًا أن هذه المسائل لا يجوز البَتُّ فيها إلا من خلال الفتوى الجماعية الصادرة عن المجامع الفقهية والهيئات العلمية المختصة، نظرًا لتعقيدها وتشعُّب آثارها.

هذا، وقد لاقت كلمة معاليه ترحيبًا وتفاعلًا واسعًا من المشاركين، الذين ثمّنوا مداخلته التي أبرزت أهمية التوازن بين الانفتاح على أدوات التقنية الحديثة، والتمسّك بالأصول المنهجية والعلمية الرصينة التي تحفَظ للإفتاء مكانته، وتكفَل مصداقيّته في ظلّ التحوّلات الرقمية المتسارعة.

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى