شارك معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، يوم الخميس 14 من شهر شعبان لعام 1443هـ الموافق 17 من شهر مارس لعام 2022م، في ندوة فكرية عبر مائدةٍ مستديرة بعنوان: “منظمة التعاون الإسلامي عبر العقود: التحديات والفُرص في المستقبل”، وذلك بتنظيم مشترك بين معهد الدراسات الإستراتيجية في إسلام أباد بجمهورية باكستان الإسلامية، وميدل إيست مونيتور بلندن.
في مستهلّ الندوة، رحّبَت رئيسة الندوة السيدة أمينة خان، مديرة مركز أفغانستان والشرق الأوسط وأفريقيا بمعهد الدراسات الإستراتيجية بإسلام أباد، بالمشاركين والمتحدثين، مشيرةً إلى الدَّور المهم لمنظمة التعاون الإسلامي في رعاية المصالح الاقتصادية والثقافية والسياسية للمسلمين في جميع أنحاء العالم. وأضافت بأن جمهورية باكستان الإسلاميّة، بصفَتها عضوًا مؤسِّسًا للمنظمة، قامت -ولا تزال تقوم- بدَور ريادِيٍّ داخل مؤسسات المنظمة، ممّا أسهم بشكل جلِيّ في الدفاع عن حقوق المسلمين في جميع أنحاء المعمورة؛ ومن الإنجازات التي حقّقتها باكستان في هذا المجال إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخامس عشر (15) من شهر مارس كل عام يومًا عالميًّا لمكافحة الإسلامُوفوبيا، وقد تحقّق هذا الانتصار الكبير لحماية مصالح المسلمين بناءً على مبادرة جمهورية باكستان الإسلامية التي دعمتها الدول الأعضاء بالمنظمة والدول المُحبّة للوئام والتسامح والسلام والتعايش.
ثم ألقى سعادة السفير أيازاز أحمد تشودري، المدير العام لمعهد الدراسات الإستراتيجية، كلمته التي عبّر فيها عن شكره للمتحدثين على مشاركتهم في الندوة، كما شكر بشكل خاص سعادة السفير السيد رضوان سعيد شيخ، المندوب الدائم للمنظمة، على مساعدته في اختيار الشخصيات والمثقفين اللاّمِعين في العالم الإسلامي في هذه الندوة. ثم عبّر عن تجديد التزام باكستان تجاه المنظمة، وجميع مشاريعها وبرامجها، وخاصة مِحنة الفلسطينيّين التي تُعدّ السبب الرئيس لتأسيس المنظمة، مشيدًا بالدور الكبير للمنظمة في التعامل مع القضايا الإسلامية منذ إنشائها، ثم تحدث سعادة الدكتور داود عبد الله من ميدل إيست مونيتور عن الإمكانات الكبيرة للمنظمة باعتبارها ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة؛ مشيرًا إلى الحقائق الجديدة التي تتكشف في أعقاب انتشار جائحة كورونا المستجدة، وتداعيات الأزمة الأوكرانية، وظهور تحالفات جديدة، الأمر الذي سيترتب عليه ضرورة نظر المنظمة في إعادة هيكلتها لمواجهة التحديات الجديدة والاستفادة من الفرص المتاحة، مؤكدًا على الحاجة إلى الحوار ومشاركة منظمات المجتمع المدني.
ومن جهته، تحدث معالي السيد شاه محمود قريشي، وزير خارجية جمهورية باكستان الإسلامية في كلمة مسجَّلة عن الأهمية القُصوى لقيام المنظمة بمسؤوليتها في الدفاع عن حقوق ومصالح المسلمين في أنحاء العالم من خلال الحوار والوسائل السلمية، مشيدًا بجهود المنظمة المقدَّرة في مكافحة التطرف وتشويه صورة الإسلام. وختم حديثه قائلاً: “إن استضافة باكستان للدورة الثامنة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة تزامنًا مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس جمهورية باكستان الإسلامية تدلّ دلالة واضحة على التزام باكستان برؤية المنظمة ورسالتها وأهدافها في تحقيق التضامن بين الشعوب الإسلامية على كافة المستويات”.
وفي مداخلةٍ لمعالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام للمجمع، سلَّط معاليه الضوء على الدور المهم الذي تقوم به المنظمة في معالجة قضايا المسلمين، مُعربًا عن امتنانه لمنظِّمي المائدة المستديرة ولحكومة جمهورية باكستان الإسلامية على هذه الندوة التي تنعقد في الوقت المناسب قبل اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة في باكستان؛ سعيًا إلى بلْورة الرؤى وتقديم المقترحات والمبادرات إلى الاجتماع الوزاري القادم. وأشار في هذه المناسبة إلى “أن الصوت الجماعيَّ والعمل الإسلامي المشترك من خلال المنظمة يمثّل مصدر إلهامٍ وأمل كبيرَين لأكثر من مليارَي مسلم حول العالم، مما يعني أنه لا يمكن الاستهانة بمكانة هذه المنظمة وقُدرتها على الدفاع عن حقوق ومصالح المسلمين في العالم”، منوّهًا بهذا الصدد إلى أهمية الدور الذي ينبغي به أن تنهض به مؤسسات المنظمة المختلفة المتفرِّعة والمتخصصة في معالجة قضايا الأمّة مع الدعم السياسي المنشود من قادة العالم الإسلامي، تعزيزًا لجهود المنظمة في مجالات التنمية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كما أكد معاليه على أنه ينبغي استغلال الفُرص المتاحة من أجل تحويل منظمة التعاون الإسلامي إلى منظمة الشعوب الإسلامية التي يُصبح التضامن بين أبنائها حقيقةً ماثِلة، وواقعًا ملْموسًا، مُعبرًا بهذا الصدد عن تمنّياته قائلاً: “إنني أحلُم -وليَ الحقُّ أن أحلُم- بأن يأتي ذلك اليوم الذي ستكون للدول الأعضاء بالمنظمة عُملةٌ موحَّدة، كما أحلم -وليَ الحق أن أحلُم- بأن يكون لسكّان الدول الأعضاء جواز سفر موحَّد لتسهيل تنقّلات شعوبها بين دولها، كما أنني أحلُم حقًّا بأن يأتي ذلك اليوم الذي سيزول فيه الفقر المُدقِع، والجهل المُفْظِع، داخل الدول الأعضاء من خلال تضامُنٍ وَثيقٍ بين الدول الثّريَّة والدول الأقلّ نمُوًّا، ومن خلال استفادةٍ قُصوى من التجارة البَينِيَّة، وتبادُل الخبرات والتجارب الناجحة في مكافحة الفقر، ومَحْو الأمِّيّة، والمُضِيّ قُدُمًا في الدفاع عن حقوق ومصالح المسلمين القاطِنين خارج العالم الإسلامي”.
وختم معاليه حديثه بالتذكير بالأهمية الفكرية والعلمية والعملية لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “مثَلُ المؤمنين في توادِّهِم وتراحُمهم وتعاطُفهم كمثَلِ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عُضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهَر والحُمّى”. فهذا الحديث يمثّل: تأسيسًا لمنهج حياة وتأصيلاً لطبيعة العلاقات التي ينبغي أن تسُودَ بين شعوب الأمّة ودوَلها، إنها الوحدة في التنوّع، والتنوّع في الوحدة، وإنها التضامُن والتكافل والتعاون والتسانُد والتآزُر، إنها التكامل والتواصل والتنسيق.
وأخيرًا: تحدث سعادة المندوب الدائم لجمهورية باكستان الإسلامية عن دَور المنظمة في تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الأعضاء، مشيرًا بأن الدورة الثامنة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء اختارت أن تكون “الشراكة من أجل الوحدة والعدالة والتنمية” عنوانًا لها؛ تأكيدًا على أهمية وضرورة توحيد الكلمة، وتحقيق العدالة والتنمية في جميع الدول الأعضاء بالمنظمة، وختم سعادته حديثه بالدور المهم المَنُوطِ بالأمانة العامة للمنظمة والمؤسسات التابعة لها، مشيدًا بتميُّز أداء مجمع الفقه الإسلامي الدولي ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية في تحقيق رسالة المنظمة.
هذا، وقد تابع الندوةَ كلٌّ من: السيدة سارة أمجد حسين، مديرة شؤون الأسرة والمرأة بالمجمع، والدكتور الحاج مانتا درامي، رئيس قسم التعاون الدولي والشؤون الخارجية بالمجمع.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار