مجمع الفقه الإسلامي الدولي يَنْعَى عضو المجمع سماحة الشيخ الدكتور عثمان بطيخ مفتي تونس، رحمه الله
25 أكتوبر، 2022
 |  | 

رحمك الله يا قاضي الموقِّعين عن رب العالمين.. يا مفتي تونس الخضراء!!

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ العنكبوت: 57

{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} البقرة: 156)..

حقًّا.. قليلون أولئكم العَالِمون الراسخون الذين يجرؤن على البوح عن أفكارهم التجديدية واجتهاداتهم المبدعة في قضايا ومسائل يحسبها العامة محظورةً على كل تجديد وممنوعةً من كل اجتهاد..
نعم..قليلون أولئكم العَالِمون الذين لا يُلقُون بالا بالاتهامات الجزاف التي تطالهم في نواياهم، وفي ولائهم ماداموا مخلصين في اجتهاداتهم وآرائهم لإلههم الأحد..
جَيْرِ..قليلون أيضا أولئكم العَالِمون الذين يتدبرون بعمقٍ ودقةٍ متناهيين معاني تلك النصوص المباركات من القرآن الكريم والهدي النبوي العظيم، ويلوذون بالمقاصد السنيات المنبثة بين ثناياها، ويستنطقون الأقاويل الزاخرات المأثورة عن الأسلاف الماضين إزاءها، بغية تلمس الحلول الناجعات لنوازل العصر ومستجداته..
إيْ.. قليلون جدا أولئكم العَالِمون الذين يوفقهم الله جلَّ في علاه للجمع بين الإخبار عن حكم الله على سبيل الإلزام حينُا، والإخبار عن حكم الله لا على سبيل الإلزام حينًا آخر..
إننا نحسب أن فقيدنا العلامة المغفور له الشيخ الدكتور عثمان بطيخ الذين لحق صباح اليوم، الثلاثاء 29 من شهر ربيع الأول، بالرفيق الأعلى، كان بحق أحد أولئكم العَالِمين المعاصرين الذين ذكرنا طرفا من مآثرهم وخصائصهم النادرة.. فقد كان، رحمه الله، قمةً في التواضع، ومثالًا في الأناة والتؤدة، وقدوة في الوقار والهدوء.. نعم.. إنه كان قليل الحديث، دائب التفكير، رزين التحليل، رصين النقد.. عميق التأمل.. صائب الرؤية.. كانت مداخلاته الدقيقة، وتعقيباته العميقة خلال دورات المجمع محل ترحيب وتقدير من الجميع.. إذ كان جامعا في تحليلاته بين دقة القانوني الفقيه، وحكمة الفقيه القانوني، صقَّلت تحليلاته الموفقة للمسائل تلكم السنوات التي قضاها معتليا كراسي القضاء في المحاكم التونسية، كما سدَّدت اجتهاداته الواقعيَّة إزاء الأزمات هاتيكم الأعوام التي أمضاها مفتيا للديار التونسية متأملا ومتمعنا في الحلول المناسبة والملائمة لتلك الأزمات.
إن رحيل هذا العالم الجليل يعد ثلمة، وحدثا جللا.. وينتهز مجمع الفقه الإسلامي الدولي، رئاسة وأمانة وأعضاء وخبراء، هذه المناسبة الحزينة ليقدموا أصدق تعازيهم إلى الشعب التونسي الكريم، قيادة وشعبا، وإلى أسرة الفقيد وذويه ومحبيه، رافعين أكف الضراعة والابتهال إلى المولى الكريم أن يتغمد شيخنا وأستاذنا بواسع رحمته، وعظيم مغفرته، وجليل عفوه، ويحشره يوم العرض مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، كما نضرع إليه عز شأنه أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان والرضا بما قضى الرحمن.
إنا لله وإنا إليه راجعون..

عنهم
أ.د. قطب مصطفى سانو

اقرأ ايضا

آخر الأخبار

اذهب إلى الأعلى