شارك معالي الأمين العام للمجمع، الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو، عبر تقنية الفيديو في الندوة العلمية الدولية التي نظمتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية حول موضوع “استنهاض الطب الإسلامي في مكافحة المخدرات” يوم الأربعاء 25 من شهر صفر لعام 1444هـ الموافق 21 سبتمبر لعام 2022م بمقرّ المنظمة في دولة الكويت.
وتعقد هذه الندوة تحت رعاية وبحضور معالي وزير الصحة الكويتي، الأستاذ الدكتور خالد السعيد، وبالتعاون مع “غراس” المشروع التوعوي الوطني الكويتي للوقاية من المخدرات، وحضور عدد كبير من المسؤولين الدوليين والخبراء والباحثين المختصين في مجال مكافحة المخدّرات والتصدي لمخاطرها الصحية والاجتماعية.
وكان معاليه قد ألقى كلمة رئيسية على المؤتمرين خلال حفل الافتتاح استهلّها بالشكر والثناء على المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية على ما تقوم به من جهود مباركة في مجال التوعية الصحية والحفاظ على النفس البشرية وخصّ بالشكر أيضا القائمين على هذه الندوة المتخصصة الهامّة وعلى حسن اختيار موضوعها لما له من أثر عميق وكبير على جموع الشباب داخل وخارج دول العالم الإسلامي وحمايتهم من الآفات المحيقة بهم وما يحاك ضدّهم من مؤامرات تهدف إلى تغييب وعيهم والحيلولة دون اضطلاعهم بدورهم الأساسي والجوهري في بناء مستقبل الأمّة ورسم ملامح غد مشرق لأجيال عديدة من الفتيان والفتيات الذين يحملون على أعتاقهم مسؤولية المحافظة على الأخلاق والمبادئ السامية التي جاء بها ديننا الحنيف.
وأضاف معاليه أنّ من الثوابت التي جاءت بها الشريعة الإسلامية هي الحفاظ على المقاصد الكلية الخمسة التي عبر عنها الإمام الغزالي بقوله” ومقصود الشرع من الخلق، وهو أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، وكل ما تضمن حفظ هذه الأصول الخمسة، فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول، فهو مفسدة، ودفعها مصلحة..”.. وتعرف هذه المقاصد بالضروريات الخمس، وتعني حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال. ويعد حفظ العقل من أهم هذه المقاصد، كما يعد أحد أهم شروط التكليف الثلاثة المعروفة (الإسلام والعقل والبلوغ)، كما ورد ذلك في الحديث الصحيح: رفع القلم عن ثلاث: المجنون حتى يعقل، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ، وفي رواية حتى يحتلم. والناظر في شأن المخدرات يجدها بالأساس تطمس كلية العقل، وتدمرها جزئيّا أو كليّا، مما يجعل متعاطيها في أحيان كثيرة ينحدر إلى مستوى تنأى عنه الدواب والحيوانات، وقد قال الله جل وعلا :{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} الفرقان/ 44. ولهذا، فلا يشك عالم أو عاقل في تحريمها تعاطيا وإدمانا وتجارة، وترويجا وتوزيعا لما يترتب عليها من مفسدة يقينية قاطعة.
كما أوضح معاليه بأنّ آثار المخدرات لا تقف عند حدّ تدمير العقل وحده، بل إنها تتعداه إلى الإضرار ببقية المقاصد الأربعة الأخرى، ذلك لأن متعاطي المخدرات لا يبالي بدينه، ولا يعبأ بخالقه، ولا يتحرج من عصيانه، ولا يستحي أن يراه الخلق وهو يفعل معاصيه وجرائمه، مما يؤدي إلى فساد دينه، كما أن تعاطيها قد يدفع فاعله إلى السرقة والغصب والنصب والاحتيال للحصول على المال بأي طريق لشرائها وتعاطيها، فيؤدي هذا إلى الإضرار بمقصد حفظ المال، وربما تدفع متعاطيها ومدمنها إلى القتل أو الاغتصاب. وفضلا عن ذلك، فإن تأثيرها على مقصد حفظ النسل ظاهر، ذلك لأن تعاطيها كما هو ثابت طبيا يضعف القدرة الجنسية، ويشوّه الأجنّة ويضعف الغيرة في نفس المتعاطي إلى درجة أنّه يفرّط في شرفه لأجل المخدرات.
وختم معاليه حديثه بالقول إنّ تأثير المخدرات يعود على كلّ المقاصد الضرورية بالإضرار والإبطال، وأنّه عند النظر والتأمل نجد أنّ المخدّرات أخبث وأشدّ تحريما من الخمر لأنها تذهب العقل، وتدمّر الأخلاق، وتفسد الدين، وتتلف الأموال، وتشيع الفاحشة والفساد، وتسحق الكرامة، وتقضي على الشرف والنخوة والمروءة، وتخل بالأمن، بل من المعلوم أنها تعد أهم وسيلة يستخدمها الإرهابيون لتفجير أنفسهم، واستعمال الأحزمة الناسفة في عملياتهم. وبناء عليه فقد دعا معاليه جميع الأطراف المتداخلة في عملية التوعية والوقاية من خطر تعاطي المخدرات وإدمانها إلى تكثيف الجهود وتوحيد القوى وتنسيق الرؤى والتعاون الكامل فيما بين الشعوب والأمم من أجل المحافظة على الشباب، ووقاية مجتمعاتنا من هذا السرطان الذي ينخر جسد المجتمعات ويقضي عليها.
اقرأ ايضا
آخر الأخبار